بدات الهجرة العربية الى بلاد المغرب* مع الفتح الاسلامي فكانت الشرائح المهاجرة تتكون اساسا من جنود
فاتحين قصد إستكمال الفتح خصوصا بعد العبور نحو الأندلس و من فقهاء يبتغون نشر الدين الإسلامي في البوادي الامازيغية.
و ضل التواجد العربي في المغرب* ضئيلا و كان لا يتجاوز المدن كالقيروان و فاس ومن العائلات العربية الشهيرة في المغرب عائلة آل فهر اليمانية و التي تنتمي لها فاطمة الفهرية مؤسسة جامع القرويين بفاس .
و الى حدود أواسط القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي ستتوافد على المغرب* قبائل عربية من اهمها بني هلال إشتهرت هاته الحركة أو الهجرة في الأدبيات المشرقية بالتغريبة الهلالية نسبة لقبيلة بني هلال ، و كانت هاته القبيلة أكبر القبائل المهاجرة للمنطقة ، شملت هاته الهجرة كذلك قبائل مثل [ بني سليم ؛ و بني معقل ؛ الأثبج ؛ بني رياح ؛ بني زغبة ] لكن لقوة شكيمة بني هلال إنسحب إسمها على مجموع القبائل القادمة نحو شمال إفريقيا .
ان مواطن بني هلال قبل الهجرة ببادية نجد شمال العربية السعودية وكانت القبائل الهلالية في اغلبها قبائل بدوية ظاعنة تنتقل ما بين البصرة ومكة من ناحية ، وما بين مكة ويثرب من ناحية أخرى ؛ لا تمارس في حياتها سوى الرعي و الظعن بالمواشي صوب الكلأ و المرعى إلى أن أتيحت لها الفرصة للظهور على الساحة السياسية .
ظهرت ببلاد الجزيرة العربية على عهد الدولة العباسية حركة تدعى بدعوة القرامطة نسبة إلى داع شيعي يدعي الإنتساب لآل البيت يدعى حمدان الأشعث الملقب بقرمط ، و الذي دوخ بلاد الجزيرة بمن معه خرجت دعوته من بلاد البحرين و التي تضم اليوم كامل الجزء الشرقي من العربية السعودية ، و سرعان ما إستمال إليه أعيان بني هلال و بني سليم ليكون منهم جيشا عريضا ضيق به الخناق على الفاطميين بمصر و حاصر عاصمتهم القاهرة شهور طوال ، لكن تمكن الفاطميون من هزم جيش القرامطة ، و قدم على الخليفة الفاطمي وفود من بني هلال يعلنون له البيعة و الطاعة ، فقبل بيعتهم و أمرهم بالرحيل من نجد كلها و القدوم لمصر للإستقرار بها ، فأقطعهم الجانب البحري من النيل فوفدت قبائل بني هلال و بني سليم لمصر ، فاستطابت العيش بها و جمل لها المكان ، حتى باتت المناطق التي شغلتها تعرف بها ، و بات ذكر الهلالي في اللسان المصري مرادفا للرجل القوي الشجاع المقدام .
إستمر مكوث الهلاليين في مصر ردها من الزمن حتى عهد الخليفة الفاطمي المسنصر بالله الفاطمي سوف تخسر مصر سيطرتها على تونس و ليبيا و التي كانتا مقاطعتين تابعتان لها يحكمها بنو زيري بإسم الخليفة الفاطمي .
في هذه الأثناء سوف يعلن الوالي المعز بن بلكين بن عطية بن زيري الصنهاجي إسقاطه التبعية للخلافة الفاطمية الشيعية و يعلن تبعيته للخلافة العباسية السنية ، مما اثار حفيظة القاهرة و التي لم تكن تملك في هاته الآونة القدرة العسكرية لغزو تونس و إستعادة السيطرة على البلاد ، لكن و بدهاء شديد من الوزير محمد أبو الحسن اليازوري [ نسبة إلى يازور إحدى قرى فلسطين ] تمكن من إقناع الخليفة بضرورة القبائل العربية و إطلاقهم على بلاد شمال إفريقيا ، فهم يملكون القوة العددية و صلابة المحاربين ، فإن غنموا غنمنا ، و إن هزموا إسترحنا ، كانت هاته العبارات بداية مرحلة جديدة من مراحل كتابة التاريخ العربي بشمال إفريقيا ، جمع الوزير اليازوري أشياخ القبائل العربية و خطب فيهم [ لقد ولاكم الخليفة الفاطمي أيده الله بلاد المغرب { شمال إفريقيا } فلا تمترون ، أي فلا تفترقوا ] كان من بين القبائل التي سوف تهاجر صوب شمال { بنو هلال ؛ بنو سليم ؛ الأثبج ؛ رياح ؛ قيس ؛ زغبة و هاته القبائل هي قبائل عدنانية / بنو معقل ؛ جهينة ؛ لخم ؛ جذام و هي قبائل قحطانية } . لكن لقوة و شراسة قبيلة بني هلال إنسحب إسمها على كافة القبائل الأخرى .
تمكنت القبائل العربية المهاجرة بأن تقضي قضاء مبرما على الدولة الزيرية ، لكنها توغلت غربا و دخلت بلاد الجزائر و المغرب الأقصى حتى إصطدمت بالدولة الموحدية القوية جدا ، فما كان عليها إلا أن تخلد للطاعة ، فإستعملهم الخليفة الموحدي عبد المومن بن علي الكومي في دواوين الدولة و الوزارة و الجيش ، بل أكثر من ذلك زوج أبنائه كلهم بأميرات هلاليات ليقوي الروابط مع هاته القبائل لأنه كان يعلم تمام العلم أنها قوية جدا و ذات عصبية ، و سار على نهجه كافة خلفاء الدولتين الموحدية و المرينية .
إستقرت القبائل العربية في السهول في غالب الأحيان ، إذ أنها كانت تكره حياة الجبال
فاصبح لسان شمال أفريقيا في الأعم الأغلب عربيا .
إستقرت جموع بني الأثبج بالصحراء الليبية ، و بني سليم ببوادي تونس إلى جوار قيس بينما عمرت بطون بني هلال المنطقة الممتدة من عنابة إلى بلاد الشاوية و دكالة ، و إستقرن رياح في بلاد الهبط و هي القر الكبير و العرائش إلى حدود بلاد وزان ، أما بطون بني معقل و لخم فقد إستقروا بالصحراء الشرقية ما بين تافيلالت و كورارة قبل أن ينسل بطن من بطون بني معقل جنوبا و هو بنو حسان.