من فنون التعامل مع الطفل فهم نفسيته ودوافع سلوكه وحاجياته النفسية ... التعامل السطحي مع الطفل بعيدا عن فهم ما أشرنا إليه هو سبب المشاكل السلوكية في حياة الأبناء سواء أثناء طفولتهم أو في باقي فترات حياتهم ونموهم..
حاجيات الطفل تحتاج إلى مراعاة
تؤكد الدراسات النفسية والتربوية.. وقبلها يؤكد ديننا الحنيف متمثلا في سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام أن لكل سلوك دافعاً (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).. وكذلك ثمة حاجات نفسية أساسية يحتاج إليها كل إنسان صغيرا كان أو كبيرا.. وتؤكد الدراسات العلمية الدقيقة أن عدم تلبية هذه الحاجات في حياة الطفل تدفعه لسدها بطرق مغلوطة وغير مقبولة في أحيان كثيرة.
إن عدم تلبية حاجات الطفل الأساسية ينتج عنه أحد الأمرين:
الانطواء على الذات والهروب والانكماش والشعور بالإحباط.. وهذه كلها طرق لضعف الشخصية في المستقبل.
العدوانية وممارسة العنف لتلبية هذه الحاجيات النفسية وهي ردة فعل هجومية على المحيط الأسري وعلى الآباء تتخذ أشكالا انتقامية وتتمثل في صور متعددة كالتبول اللاإرادي والعناد والعدوانية.
الحاجيات الفردية للإنسان:
الدراسات والنظريات العلمية تؤكد حاجات الإنسان المتعددة كنظرية الحاجات ( لماسلوه ) ونظرية حاجات الإنجاز ( لمكلولاند) ونظرية عوامل الدوافع ( لهرتبرجر) .. وهناك مفهوم اسلامي لنظرية الحاجات الإنسانية.. ويمكن إجمال الحاجات الفردية للإنسان في خمس أساسيات.
الحاجات المادية أو الفسيولوجية : وهي التي يحتاجها الإنسان للبقاء مثل الحاجة للطعام والمأوى ( وقد يبكي الطفل لسد حاجة مادية له لو كان جائعا مثلا.. فالبكاء لغة يعبر بها عن حاجاته).
حاجات الأمن : وهي التعبير عن حاجة الإنسان أن يحمي نفسه من المخاطر والمخاوف.. وقد يلجأ الطفل لسلوكيات كثيرة بدافع حماية النفس.
الحاجات الاجتماعية : طبع الإنسان الاجتماعي يدفعه للاتصال بالآخرين.. ويكون بينه وبينهم علاقات محبة وصداقة وتعاون.. وكذلك حاجة الإنسان إلى الانتماء والشعور بأنه عضو داخل فئة أو مجموعة تعتبر ضرورة نفسية اجتماعية في حياة الطفل والإنسان عموما..
حاجات احترام الذات: وهي حاجة الإنسان أن يشعر أنه يؤدي عملا ذا قيمة وفائدة، وشعوره كذلك أنه قادر على تحمل المسؤولية وإنجاز المهام.. وتعبر أيضا عن حاجة الاستقلال والنمو.. وكثيرا ما تدفع هذه الحاجات إن لم تشبع الطفل إلى سلوكيات غير مقبولة كالعناد والتبول اللاإرادي والعدوانية.
حاجات تحقيق الذات : وهي حاجة الإنسان أن يحقق طموحه وسعادته من خلال إنجازاته واستغلال طاقاته وقدراته..( كل ميسر لما خلق له).
التربية الإيمانية تُوجه الحاجات:
الإيمان ينبغي أن يهذب الحاجيات، ويوجهها التوجيه السليم حتى لا يطغى جانب على جوانب أخرى ولا يحيد عن الحق والصواب.. ويتم ذلك بالحوار والإقناع المبني على مقاصد الشريعة الإسلامية والآداب ومكارم الأخلاق والقيم .. والآيات القرآنية تؤكد هذه المعاني الإنسانية النبيلة:
( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) (قريش 4/3).
( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) (الأنعام 82 ).
وقفات تصحيحية :
1 - إن سلوك الطفل بالرغم من كونه يتأثر إلى حد كبير بالبيت وغيره من المحيطات التي تحتضن نموه فإن الكثير من التغيرات السلوكية في حياة الطفل تنبع وتحدد من داخله.
2 - كلما زادت معرفة الوالدين بخصائص نمو الطفل وحاجاته زاد نجاحهما في توجيه الطفل التوجيه السليم.
3 - إن معرفة الحاجات النفسية للطفل، وخصائص مراحل نموه تجعل المربين يفهمون لغة الطفل غير اللفظية وبالتالي يحسنون التعامل معه وكذلك تمكنهم من توقع مايطرأ على سلوكه من متغيرات.
4 - هذه المعرفة تقي الوالدين من شعور الخيبة والقلق وتهدئ من روعهما ؛ ليحسنا تربية الولد وتوجيهه بالتي هي أحسن وتبعدهما عن اتخاذ مواقف متشنجة مع الطفل.
5 - المعرفة تجعل الآباء يعملون على تنمية القدرات والمهارات الذاتية بدل إطفائها وقمعها جهلا منهم.
6 - المعرفة تيسر الطريق لاكتشاف المواهب وتنميتها.