الموت تلك الحقيقة الثابتة التي تُؤرق وتحيِّر وتزعزع ماعداها من حقائق، بما في ذلك حقيقة الحياة.
قد يعتقد البعض منكم ان مقالتي هذه عن الموت ولكن فلتتمهلوا قليلا ولا تتعجلوا
حديثي عن الموت ما هو الا مقدمة للحديث عن ما يحدث امامنا وما نسمع به بعد الموت من قصص التبرع بالاعضاء البشرية ..
تلك القصص على اختلاف ماهيتها وتفاصيلها او حتى ملابساتها هي قصص لا تخلو من الانسانية .
ففيها يتجسد المعنى النبيل للانسانية عندما توافق تلك الارواح المثقلة بالحزن والغم والمكتوية بنار الفراق على ان تمد يد العون لغيرها ليس بشيء يفيض عن حاجتها
بل باعضاء تخص تلك الارواح التي غابت عن الدنيا في رحلة الموت التي لا عودة منها ابدا ..
عطاء تتجلى فيه اسمى الافعال الانسانية على الاطلاق .
عندما يعطي الانسان من ذاته، او من ذات اشخاص يعزون عليه وهذه هي حال من يهب اعضاﺀ جسده او اقربائه الى شخص اخر دون أي مقابل .
وسانتاول في مقالتي المتواضعة هذه الجانب الانساني فقط من هذه القضية دون الدخول في نقاشات حول شرعية هذه القضية
لأن هناك من هم اعلى واقدر مني على اثبات ومناقشة شرعية هذه القضية الهامة .
فرغم أهمية هذه القضية في انقاذ حياة شخص آخر على شفير الموت، ومازال الكثيرين يعتبرون الأمر مرفوضاً ولا زالت هذه القضية تثير الكثير من الجدل في اوساط عالمنا العربي
وما زالت غير مقبولة لدى الكثيرين وتختلف نظرة الناس حولها على اعتبار انها قضية شرعية ولا توجد نصوص شرعية صريحة تثبت صحة التبرع بالاعضاء ...
لو نظرنا للموضوع بقليل من التعقل معا لاستنتجنا بسرعة خيالية ان فكرة وهب الاعضاء هي قمة العطاء حتى مابعد الموت وقمة النبل لكوننا نهب مع اعضائنا
السعادة للاخرين وقمة الكرم لكوننا اسهمنا في عطائنا بشفاء غيرنا من مرض لاعلاج له ..
لا يجب أن تخيفنا خطوة الوهب فلماذا نقول لا لوهب الاعضاء، في حين اننا نعي ان قلوبنا ستصمت في احشائنا يوماً ما ..
فما المانع في ان تنبض في اجسادٍ اخرى ارهقها المرض؟
ولماذا نرفض ان نبعث النور في عيون مكفوفين حُرموا نعمة البصر طوال حياتهم بوهبهم عيوننا بعد وفاتنا؟
يجب ان لا نتردد في في وهب اعضائنا او اعضاء من يخصنا اذا اختارنا الله ان نكون سببا في اعطاء الامل لهذا المريض ..
لأننا سنكون على يقين بأن وهب كلية او كبد او قرنية او قلب سيعيد طفلاً الى حضن أمه التي تكتوي بنار العجز امام حالة طفلها المريض
وستعيد أباً الى كنف عائلته بعد ان طال غيابه عنهم ، وستعيد شاباً الى ربيع عمره بعد ان انهكته الآلام المبرحة!!!!
ففي ظل عدم وجود عائق ديني او قانوني يمنع وهب الاعضاء والانسجة البشرية، لماذا ننتظر؟
فمهما طال عمر الانسان او قصر، يبقى الموت مصيره المحتم .....
فما الذي يمنعنا ان نفارق الدنيا ونحن في قمة انسانيتنا ..... !!!!؟؟؟
وما المانع ان يكون في موتنا بعض الحياة للاخرين .
تقبلوا مني كل التحيات
ولا اراكم الله مكروه في انفسكم او في عزيز لديكم ..
كونوا جميعكم بخير