بقلـــــــــــم الدكتور :
مصطفى محمود
لو سألني أحدكم..
ما هي علامات الحب و ما شواهده؟
لقلت بلا تردد أن يكون القرب من المحبوبة أشبه بالجلوس في التكييف في يوم شديد الحرارة.. و أشبه بإستشعار الدفء في يوم بارد.
لقلت هي الألفة و رفع الكلفة.. و أن تجد نفسك في غير حاجة إلى الكذب.
و أن يرفع الحرج بينكما فترى نفسك تتصرف على طبيعتك دون أن تحاول أن تكون شيئا آخر لتعجبها..
و أن تصمتا أنتما الإثنان فيحلو الصمت..
و أن يتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء..
و أن تكون الحياة معا هي مطلب كل منكما قبل النوم معا..
و ألا يطفئ الفراش هذه الأشواق و لا يورث الملل و لا الضجر و إنما يورث الراحة و المودة و الصداقة..
و أن تخلو العلاقة من التشنج و العصبية و العناد و الكبرياء الفارغ و الغيرة السخيفة و الشك الأحمق و الرغبة في التسلط..
فكل هذه الأشياء من علامات الأنانية و حب النفس و ليست من علامات حب الآخر..
و أن تكون السكينة و الأمان و الطمأنينة هي الحالة النفسية كلما إلتقيتما..
و ألا يطول بينكما العتاب و لا يجد أحدكما حاجة إلى اعتذار الآخر عند الخطأ..
و إنما تكون السماحة و العفو و حسن الفهم هي القاعدة..
ذلك هو الحب حقا.
و لو سألتم..
أهو موجود ذلك الحب و كيف نعثر عليه؟
لقلت نعم موجود و لكن نادر..
و هو ثمرة توفيق إلهي و ليس ثمرة اجتهاد شخصي..
و هو نتيجة لإنسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر و نفوس متآلفة متراحمة بالفطرة..
و شرط حدوثه أن تكون النفوس خيرة أصلا جميلة أصلا.
و الجمال النفسي و الخير هو المشكاة التي يخرج منها هذا الحب..
و إذا لم تكن النفوس خيرة فإنها لا تستطيع أن تعطي فهي أصلا فقيرة مظلمة ليس عندها ما تعطيه..
و لا يجتمع الحب والجريمة إلا في الأفلام العربية السخيفة المفتعلة..
و ما يسمونه الحب في تلك الأفلام هو في حقيقته شهوات و رغبات حيوانية و نفوس مجرمة تتستر بالحب لتصل إلى أغراضها.
أما الحب فهو قرين السلام و الأمان و السكينة و هو ريح من الجنة..
أما الذي نراه في الأفلام فهو نفث الجحيم..
و إذا لم يكن هذا الحب قد صادفكم و إذا لم يصادفكم منه شيء في حياتكم..
فالسبب أنكم لستم خيرين أصلا..
فالطيور على أشكالها تقع و المجرم يتداعى حوله المجرمون و الخير الفاضل يقع على شاكلته..
و عدل الله لا يتخلف..
فلا تلوموا النصيب و القدر و الحظ..
و إنما لوموا أنفسكم.