السلام في الإسلام
مسألة: استعملت كلمة السلم والسلام في الإسلام كتاباً وسنة في موارد كثيرة منها:
السلام من الأسماء الحسنى
إن (السلام) من أسماء اللـه الحسنى، قال تعالى: (هُوَ اللـه الّذِي لاَ إِلـه إِلاّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ هُوَ الرّحْمـَنُ الرّحِيمُ ( هُوَ اللـه الّذِي لاَ إِلـه إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللـه عَمّا يُشْرِكُونَ ( هُوَ اللـه الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوّرُ لـه الأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ يُسَبّحُ لـه مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(1).
لأن اللـه عزوجل خالق السلم والسلام، ويضمن ذلك للناس بما شرعه من مبادئ، وبما رسمه من خطط ومناهج، وبمن بعثهم من أنبياء وأوصيائهم (عليهم السلام)، وبما أنزلـه من كتب، فهو تعالى مصدر السلم والسلام، والخير والفضيلة.
قال الإمام الباقر (عليه السلام): «إن السلام اسم من أسماء اللـه عزوجل»(2).
السلام في سورة القدر
ويظهر من الآية المباركة في سورة القدر أن اللـه تعالى يقدر(السلام) في كل شيء ولكل شخص، وإنما الإنسان نفسه هو الذي يحرّف السلام عن مجراه الطبيعي بسوء اختياره، أو بني نوعه، أو بعض عوامل الطبيعة مما هي خاضعة لقانون الأسباب والمسببات.
قال سبحانه: (إِنّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ( وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ( تَنَزّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ( سَلاَمٌ هِيَ حَتّىَ مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(3).
فإن الملائكة في ليلة القدر يأتون بمقدّرات العباد وبكل ما يكون في السنة المقبلة، إلى خليفة اللـه في الأرض (عليه السلام) وحجته على عباده، غائباً مستوراً أو ظاهراً مشهوداً، ويكون ذلك سلاماً في كل أمر، سواء كان السلام فردياً أم اجتماعياً، وسواء كان في المال (السلام الاقتصادي) أم في الأسرة كسلام الزوج والزوجة، وسلام الآباء والأولاد، أم في الصحة بدنيا أو نفسياً، أم غير ذلك.
إلى غيرها من الآيات الشريفة والروايات الكثيرة التي وردت بلفظ السلم والسلام وسائر المشتقات منهما.
مصدر كلمة الإسلام واشتقاقها
ثم إن لفظ (الإسلام) مأخوذ من مادة السلم والسلام، وذلك كتناسب الحكم والموضوع، لأن السلام والإسلام يلتقيان في توفير الطمأنينة والأمن والسكينة والتقدم، كما قال سبحانه: (الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ)(4).
خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) حامل لواء السلام
وحامل هذه الرسالة خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو حامل راية السلم والسلام، لأنه يحمل إلى البشرية الهدى والنور، والخير والرشاد، والرحمة والرأفة. وهو يحدث عن نفسه فيقول: »إنما أنا رحمة مهداة«(5)، ويحدث القرآن عن رسالته فيقول: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لّلْعَالَمِينَ)(6)، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): »إن اللـه بعثني هدى ورحمة للعالمين…«(7) فإن الرحمة والسلم والسلام جاء بها الإسلام للناس كافة.
وكثرة تكرار لفظ السلام على هذا النحو، مع إحاطته بالجو الديني النفسي، من شأنه أن يوقظ الحواس جميعها، ويوجه الأفكار والأنظار إلى المبدأ السلمي العظيم.
السلام تحية الإسلام
كما إن الإسلام جعل (السلام) شعاراً لـه واختاره تحية للمسلمين، حيث إن المسلم إذا التقى بمسلم قال: (سلام عليكم) أو ما أشبه ذلك من الصيغ المذكورة في باب السلام وأحكامه(8).
وتحية اللـه للمؤمنين تحية سلام: (تَحِيّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ)(9)