إعجاز قرآني جديد
كنت أشاهد برنامجاً على الإنترنت عن الوراثة في تكون DNA ( الحمض النووي ) في الإنسان وبالطبع نحن نعلم أن الإنسان قد خلق من تراب , وقد وصف هذا الخلق الترابي بأوصاف مختلفة حسب المراحل , فإذا وضعنا التراب على الماء أصبح طيناً وإذا تخمر الطين أصبح صلصالاً وإذا فقد الصلصال جزء من ماءه أصبح فخاراً , وذكر الله ذلك الخلق على هيئاته المختلفة حسب الآيات التالية :
1- من تراب قال تعالى : ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ( سورة الروم الآية ( 20 ).
2- من طين قال تعالى : ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ( سورة المؤمنون الآية ( 12 ).
3- من صلصال قال تعالى : ) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ( سورة الحجر الآية ( 26 ) .
4- من فخار قال تعالى : ) خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ( سورة الرحمن الآية ( 14 ) .
كان هذا بدء خلق سيدنا آدم , أما أمنا حواء فقد خلقها الله من أضلاعه عليه السلام لتكون سكناً له .
أما بعد ذلك فقد أصبح الخلق من نطفة الرجل ونطفة المرأة وهما يحتويان على أمشاج أي كرموزومات وهي عدد من الأجسام البروتينية تحمل على متنها أعداد من الصفات الوراثية تسمى الجينات , وهذه الجينات إما متقدة أي أن ما عليها من صفة عاملة في هذا المخلوق , أو خامدة أي لم تتفعل بعد , وكان العلماء يعتقدون أن هذه الصفات تأتي من الأب والأم وتختلط فيما بينها وأن عددها مئات الألوف ولكن لاحقاً أحبطت اعتقاداتهم حيث اكتشف أن عددها في حدود الثلاثين ألف وأن بعض الحيوانات التي تعتبر متخلفة بالنسبة للإنسان فيها أعداد من الجينات أعظم مما في الإنسان الشيء الذي حير العلماء , ولما تقدم علم الوراثة أصبح العلماء يعرفون أي صفة من الصفات في الإنسان تعمل في إصابته مثلاً ( في حال اتقادها ) بالمرض أو باللون أو غير ذلك واستطاعوا أن يجعلوا لها أرقاماً وخرائط , غير أنهم في شمال أوروبا وفي إحدى القرى وجدوا أمراً غريباً وهو أن الصفة التي تسبب مرضاً ما ولنسميه ( X ) إذا اتقدت سببت ذلك المرض ولكنها في شخصٍ آخر لديه مرض مختلف وليكن اسمه ( Y ) نتج عن ذات الجين فظل علماء الوراثة من أمريكا ومن أوروبا يدرسون هذه الظاهرة الغريبة فهل الجين الواحد يمكن أن يتسبب في أكثر من مرض ؟؟
بعد دراسات دقيقة وجدوا شيئاً غريباً وهو أن الجين المسبب للمرض ( X ) ولنسميه ( 15 ) إذا كان هذا الجين جاء من الأم واتقدت به صفات الجين فإنه يسبب مرض غير نفس الجين الذي يأتي من الأب , بمعنى أن الجين ( 15 ) الذي جاء من الأم يسبب مرض (Y) في حين أن الجين نفسه الذي جاء أصلاً من الأب يسبب مرض (X) بالرغم من أن لهما نفس الرقم والتركيب الشيء الذي جعل العلماء يعتقدون بدون شك أن لهذه الجينات ذاكرة تجعلها تعلم أنها أتت من الأم أو من الأب وبالتالي يكون نتاجهما مختلف .
هذا الأمر ذكرني بقوله تعالى : ) وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ! وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ! أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ( سورة الأعراف الآيات (171-173) , فمعنى أن الله أخذ من ظهور ابن آدم وهنا يقصد آدم وحواء التي سينقل جيناته وجينات زوجه إلى الناس من بعدهم أخذ منهم ذريتهم أي هذه الأمشاج الحاملة للجينات وأشهدهم على أنفسهم ( ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) وهذا معناه أن هذه الجينات لديها ذاكرة , بل كلمها الله أي أنها تُخَاطب , إذا علم كيف تخاطب وهو العالم وجعلها شاهدة على نفسها فهي تمثل كل ذرية ابن آدم إلى يوم الدين .قال تعالى : ) هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ! إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ! إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ( سورة الإنسان الآيات (1-3)
أشهدها أنه هو الله رب كل من سيخرج من هذه الجينات من خلق وأن الإيمان به فطرة في الخلق لا يغيرها إلا الكبر والتعليم من الأبوين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوادنه أو ينصرانه أو يمجسانه ) , بمعنى لو ترك الإنسان على فطرته دون تدخل من حوله لكان مؤمناً دائماً وأبداً بالله وحتى هذا الكافر المشرك هو مؤمن قهراً من خلال خلقه وجيناته فلا حجة له على الله , والله أعلم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ,,,