ماذا أحكي ......؟! ومن أين أبدأ ....؟! وكيف أنتهي ......؟! فقصتي مؤلمة ... وأحلامي أخذتها الرياح في طريقها .. نحو المجهول .. كم هو صعب ذلك الشعور الذي ينتابني وأنا أشاهد حلمي يتكسر على صخرة الانتظار ...والتجاهل ...!! سنوات طويلة قضيتها في رحلة البحث عن العلم ... والشهادة التي تؤمن لي مستقبلاً جيداً ..
ولم يتوان والدي ...طيلة هذه السنوات عن الصرف علي... وتشجيعي على تحقيق ذلك ..واليوم وبعد هذه الرحلة الطولية التي مرت بطريقها محطات كثيرة وصعبة .. استطعت أن أحصل على الشهادة .. بالله.. أخيراً شهادة الجامعة بيدي.. أتذكر جيداً فرحة ذلك اليوم وكيف ارتسمت على وجهي ..ووجوه أفرد عائلتي..أقام والدي لي احتفالية كبيرة بهذه المناسبة ..وفي اليوم التالي قال لي: ألان يا ناصر أستطيع أن أتركك تشق طرقك لوحدك معتمداً على نفسك .. بعدها بأسبوع أخذت شهادتي .. واعتنيت كثيراً بأناقتي .. وتوجهت لمكاتب التوظيف بكل غرور وثقة ..معي شهادة جامعية طبعاًُ سيرحب بي الكل ..يارب ساعدني أن لا أدخل في دائرة الاحراجات ..
ستنهال على العروض .. لا أريد أن اغضب أحداً .. وبعد أن وصلت إلى المكتب أصطدمت بالواقع المر ..راجعنا بعد سنة . وإذا لم تكن على عجلة من أمرك عد إلينا بعد خمس سنوات لعل وعسى أن نجد لك وظيفة كاتب..أو حارس أمن أو موظف أرشيف ...؟؟ خرجت وكنت أظن أن هذه ((الكاميرا الخفية )) .. راجعت ذات المسؤول بعد شهر قال لم يأتي شيء بعد . وبعد ثلاثة شهور ذات الرد ..وبعد سنة .. قال لي إذا لم يكن معك فتامين ((و)) لا تتعب نفسك كثيراً... شهر بعد شهر سنة ..بعد سنة ..وأمي توقظني كل يوم بعد الظهيرة لا تريد أن تثقل علي بالكلام .. لا تريد أن تزيد من جروحي .. ولكن كنت أشاهد حسرتها .. ولومها في عيونها ..! تعبت من طرق الأبواب .. الموصدة في وجه طموحي حتى بات يتبادر إلى ذهني بأنني لا اطلب وظيفة , بل اطلب شيء مستحيلاً أو خارقاً للعادة ..!.. تعبت من المواعيد تعبت من طرق الأبواب الخشبية ونسج العبارات المنمقة لعلها تصيب قلب أحدهم وبالتالي يجد لي مخرجاً آآآآآه ..يا زمن .. حتى بنت جيراننا (( نجلا)) والتي كانت تنتظرني بفارغ الصبر لكي أتزوجها .. بعد أن تم الاتفاق بين والدي ووالدها على أن نكون لبعضنا بعد تخرجي .. ذهبت هي الاخري .. ذهبت مع رجل لديه وظيفة يمنحها لقمة العيش .. واستراحت من مواعيدي البعيدة والقريبة استراحت من فقري!.. ومن جديد أعزف على الجرح وأقول:
يمّه لا تلوميني
وأنا صّب وحزين
ويش يهم إن نمت لحدود الظهيرة
أو تشعلقت الصباح
وقمت غابش
أتورى عن مجاديفي الكسيرة
لا أتعثر في حدودها
....
يمّه
تعبت اطرق الأبواب
وكلها فجّة وعصّية
كني ما أطلب وظيفة
كني متزعم قضية
لين سال الجفن دم
ولين ذاب القلب هم
وأنتي أدرى يأم ناصر
أن مالي من صناديد العشيرة ابن عم
...
يمّه
تعبت اطرق الأبواب
وكلها فجّة وعصّية
باب..
يوعدني علي حد الزمن لاراح
وباب..
يركلني وأجيك وقلبي الخافق ألم وجراح
وباب..
أبو اللصقة اللي ما ترك باب الخشب يرتاح
..
يمه
وين نجلا..؟!
سافرت بعيونها الخجلا
وراحت
استراحت من مواعيدي البعيدة والقريبة
سافرت بالسواليف الرهاف المستريبه
سافرت مع رجل يمنحها الأماني
بس مايقوي اختصار الحسن فيها
ويشدوبه أغاني
سافرت يمّه وطاب لها السفر
لأني ماعندي وظيفة
ولأني أفقر من الفقير!!