فهمْــــتُكمْ بعدَ أعــــوامٍ وأعْــــوامِ
الآنَ أدْركتُ ،تفــــريـطِي وإِجْـــــرامي
الآنَ أدْركتُ معـــــنى أنَّكــــم بشرٌ
لكمْ حقـــوقٌ ، ولســـتُم محـــضَ أنعامِ
فهمــــتكم يا بَني شعـــبي وقـــــدْ
لعِبتْ بكُمْ جنـــودي وقــــوَّاتي وأَزْلامـي
نعم ، مــلأْتُ سجـــوني من أكَارِمــــكمْ
وكَانَ تعــــذيبُـــهم رمْـــزاً لإقْـدامي
حكمتُ بالسِّجـــنِ تأبيـــــداً لطائـــفةٍ
أَصْلَيْــتُها في سجـــــوني نـــــارَ آلامِ
ولَمْ تَــدَعْ سَــعْيَــــها للدِّيــنِ طائــفةٌ
أُخـــــرى ، فأصْـــدَرْتُ فيها حُكمَ إعْدامِ
جَعَــلْتُ أرضكُم الخضـــراءَ مُعْــتَـــقَلاً
حقَّـــقتُ فـــــــيهِ بسيفِ الظُّلْمِ أحلامي
أطْـــلَقْتُ فيـــكم على ظُـــــلْمٍ جَلاَوِزَتي
ما بــــــينَ لصٍّ وكــــذَّابٍ ونـــمَّامِ
نعـمْ ، جَعَلْـــتُ بيــوتَ اللهِ خــــــاوِيةً
مِـنْ كُـــــلِّ داعٍ وصــوَّامٍ وقـــــوَّامِ
حتى الأذانُ تـــــوارى عــن مآذِنِــــكم
وعن وســائل إعــــــلاني وإعـــــلامي
أمَّا حِجابُ العذارى فهـــــو مُعْـــــضِلةٌ
حَاربْتُـــها بإهـــانـــــاتي وإرْغـــامي
نَعَــم ، جعلتُ منَ الطُّغــــــيانِ لافِـــــتةً
فــــيها معَـــالِمُ مِنْ قَـــسْـري وإلْزامي
لكِنَّني الآنَ يا شعــــبي وقـــد سَلَـــفَتْ
أيَّامــــــكم بمآســــيها وأيَّـــــامي
أقولُــها ، ونجــومُ اللّيـــــلِ تَشْـهَدُ لي :
فهِــــمْتُكم ، وإليكم فـــــضْلُ إفْــهامِي
فهِـمْتُــــكم ، فلـــقدْ صرْتم عَـــمَالِقـةً
وكُنتُ أبـــصرُ فيكم شـــكلَ أقْــــزامِ
فهـــمتها الآنَ ، إنِّـي قـــدْ ظَـلَمْـتُ ،
ولـمْ أرْحـم فـــــقيراً ، ولمْ أَلْطُفْ بأيْــتامِ
ولمْ أقـــــدِّمْ طـــعاماً للجـــــياعِ ،
ولم أقـــــدِّمْ المــــاءَ للمُسْـــتَنجدِ الظَّامي
ولمْ أقـــــدِّمْ ثيـــــاباً للعُـــــراةِ ،
ولم أمنح تلاميــــذكم حِــــبراً لأقــــلامِ
فهِمْتُكمْ ، فافْهَـموني ، وافْهموا لُغــتي وقابـلوا
لُؤمَ أخــــلاقي بإكــــــــــرامِ
إنّي سأفتَـــــحُ أبـــوابَ العـطاءِ لكـم
وســوفَ أُصـــــــدِرُ للإصلاحِ أحكامي
هــيَّا ، ضعوا في يدَيْ أيـــديْ تعاونُكــم
يـــا أخـــوتي وبني عـــــمِّي وأرْحامي
إنِّي صحوتُ على نـورِ الصَّبـاحِ ، وقــدْ
طـــوَيتُ عِقْـــدَينِ في ظُلْمٍ وإظــلامِ
فهمتكم ، أيُّــها الشعــبُ الذي دعَسَـــتْ أحلامَه
في طــريقِ الجَــــوْرِ أقــــدامي
الآن أدْركــتُ أنِّي كــنتُ في نفـــــقٍ
منْ غفْــلَـــتي وضــلالاتي وآثــــامي
*** *** **
أَنْهى الحــــديثَ ، ولمْ يفـطن لخطبــتهِ
إلاَّ الصَّــدى و الّلَظى في قَـــلْبِه الدَّامي
وجَلْجَــــــــلَتْ صرْخةُ المستـهزئينَ بهِ :
فـــــاتَ الأوانُ ، فلا تَركن لأوهــــامِ
نســـــيْتَ أنَّ لنــــا ربــّــــاً
نلــــوذُ بـــهِ إذا تَــــــطَاوَلَ
فـينا جَـــــــورُ حُــــكَّامِ