العبارة الواردة لم تولد بشكل عفوي، وقد إستندت قبل ظهورها بدون ريب على تجارب واقعيّة وحسيّة خاصة من الذين رحمهم الله عز وجل، قالوها وعن تجربة ما من شك أنهم مروا بها ، فلهم اقول: صدقتم رحمكم الله ثانية، ولو بُعثتم من جديد لتمكنتم من إصدار وإستحداث عبارات أخرى في نفس المعنى والمضمون والنابعة عن حقائق.
يعذرني القرّاء الكرام بهذه السطور لأنني لم أقصد المس بأحد الا بمن هم يشعرون بأنهم هكذا، حدّثني صديق حميم قائلاً: ماذا تقول يا أخي في إنسان يتبوأ منصباً مسؤولاً في مؤسسة معينة تحترم نفسها، ترى هذا الانسان يتكالب على الوظيفة وهو يشغلها، نراه يخون مكان عمله وربما يعمل في مكان آخر وعلى حساب مسؤوليته في هذه المؤسسة، ولا يمكنه رؤية الخشبة التي في عينه الا أنه يرى القشّة التي في عين الآخرين، ومن خلال رؤيته هذه تضيق عيناه وقد ينعدم بصره فيما بعد، لأن عيناه الضيقتين قد تضفيان على نظره غشاءاً يتخيل له أنه فريد عصره في التخفي والتستر وراء كلمات وسطور يتآمر وآخرون في كتابتها، عِلماً بأن تصرفات كهذه في غاية الجُبن والانحطاط، ويظن أن أحداً لا يدري عنه شيئاً فبالاضافة الى رب العالمين الذي يمهل ولا يهمل، كثيرون يفهمون الامور بحذافيرها، ولا شك أن هذا ينطبق ليس على قلة في صفوف المجتمع.
قُلت يا صديقي: تمهّل فإن شر البليّة ما يضحكُ!!!
هذا الصنف من الرجال تخجل الرّجولة بوجوده فيها، هذا النوع من الرّجال لا شك انه خالِ الضمير، هذا النوع من بني البشر يغمس لقمة عيشه بالخبث والحرام، ويسّرح ضميره الى أجل غير مسمى، حيث يطلق له العنان من باب اللؤم، الحقد والحسد، من باب الضغينة التي ليست من شيم الرّجال بل من الذين يعدون إنبطاحيين فاشلين فيما يعملون، ومن الرّجال الذين كالنّعام يدفنون رؤوسهم في الرمال وعن قصد، ويتظاهرون العكس تماماً. الا أنهم يا صديقي يتابعون عياطهم هنا وهناك، هذا العياط يرتكز بشكلٍ قاطع على ضعفهم، انخذالهم من انفسهم، حيث تبث انهم في مسؤولية جوفاء، الا انهم يمارسون العياط أي النباح يا أخي كالكلاب الذين يجرون وراء القافلة والقافلة غير مكترثة بهم وتتابع مسيرتها بكل إطمئنان وبكل إرادة، إرادة نابعة من الايمان بالله جل وعلا، من الثّقة بالنفس ومن الضمير الحي، هي تستحق ان تتبوأ المناصب الاجتماعية وتتحمل المسؤولية دون خيانة، ودون مواربة وباستقامة وامانة.
بنو الانسان يا صديقي من ذكر وأنثى يدركون ما اعني في كلماتي، ويفقهون جيداً ان الامثلة فيما اقول لا حدود لها، فكثيرون يملأون وظائف ومهام تخجل بهم لأنهم دون المستوى الاخلاقي ودون المستوى الانساني، وكذلك دون المستوى العملي وامانة الرسالة منهم براء!!!
فهؤلاء هم حقاً ينبحون كالكلاب لينالوا من القافلة ، الا ان هذه القافلة يا خليلي عنيدة بإرادتها الصادقة، أمينة بإستقلاليتها وبرأيها السديد الذي ينطوي على صلابة أخلاقية وإرادة تبدد الحديد وتفتت الصخر بعزيمتها الصادقة التي لا تكترثيوماً من الايام بنباح الكلاب، الا انها تسمع وتشعر به بجانب القافلة او ورائها والنتيجة لا بد الا وان تنعكس عليهم، تنعكس على اولئك العاجزين أخلاقياًً، اولئك الغوغائيين، فلا بد ان تآمرهم وكيدهم سيعود الى نحورهم بقدرة قادر عاجلاً ام آجلاً.
فالى هؤلاء يا صديقي أقول: الا يليق بكم ان كنتم تشعرون ان تنظروا الى أطفالكم وعائلاتكم نظرة حيّة خالية من كل ما ذُكر؟! الا تفهمون ان التجني على الآخرين هو دين وسوف تدفعونه من حسابكم الخاص اذا كان لكم رصيداً إجتماعيّاً!؟ أليس من ألأفضل لكم ان تحاسبوا انفسكم اذا تمكنتم من ذلك، وتدركون ان وظيفتكم هي المحك الذي يظهركم على حقيقتكم؟ فلو كانت عند هؤلاء يا أخي ذرة من المروءة لما اقدموا على ما يفعلون، ولو كانت لديهم ذرة من شهامة الرّجال الحقّة لما أقدموا على إنتحال شخصيّات اناس ابرياء ويتحدّثون باسمهم وهم لا يعلمون؟!
فاليهم يا صديقي انصح لوجه الله واقول: كفّوا عن السفالة، كفّوا عن الخيانة، كفّوا عن إختلاق الاكاذيب وترويجها ومن ثم تصديقها، كفّوا ، كفّوا، كفّوا...!! لان المجتمع حتماً سيقذفكم ويعرّيكم، عندها تقبعون وحيدين تتخبطون مع ضمائركم لما إقترفت اياديكم ولما تجنيتم به على اناس عصاميين يسهرون ليل نهار على لقمة عيشهم الحرّة والشريفة دون ان تشوبها شائبة، ولا يحسبونكم من بين الاحياء.
وكذلك الى هؤلاء العصاميين أقول: صبراً، ثم صبراً، ثم صبراً، هؤلاء هم الخاسرون بإذن الله وانتم الرابحون بعون الله، وأخيراً يا صديقي يصح في هذا السياق قول الشاعر:
لو أن كل كلب عوى القمته حجراً
لأصبح الصخر مثقالاً بدينار