بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل , أختي الفاضلة الكريمة
أنتم معنا هنا في دروس خاصة في تذوق طعم النجاح
فتابع معنا حتى نهاية الموضوع لتتذوق طعم النجاح الحقيقي ,
في يوم الخميس السادس والعشرين من شهر ربيع الأول، من عام ثمانمائة وسبعة وخمسين للهجرة،
كان الفتح الإسلامي على موعد لعناق القسطنطينية، فقد جمع محمد الفاتح جيشه،
وكانوا نحو (250000) جندي، خطب فيهم خطبة عصماء، حاثاً إياهم على الجهاد، لتحصيل إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة. وذاكراً الأحاديث التي تُبَشِّر بفتح القسطنطينية، وفضل الجيش الفاتح لهذه المدينة.
نُصِبَتْ المدافع الثقيلة قُبالة أسوار القسطنطينية، وتوزعت الجنود، وبدأ القتال، وأحكم السلطان قبضته على المدينة،
فيما قاوم البيزنطيون مقاومة عنيفة، وانتشرت السفن العثمانية في المياه المحيطة بها،
إلاّ أن العائق الأكبر هو عدم قدرة سُفُن السلطان الوصول إلى القرن الذهبي، بسبب وجود سلسلة ضخمة تسمح للسفن البيزنطية الوصول إلى المدينة، وتزويدها بالمؤن والسلاح، ومنع سفن السلطان من الاقتراب من المدينة.
المدافع تدك أسوار المدينة، البيزنطيون يعيدون بناء الأسوار سريعاً في مقاومة شرسة، ووصول الإمدادات الصليبية من الدول الأوروبية إلى القسطنطينية، عن طريق السفن البيزنطية، من خلال ذلك الممر المائي، يجعل الحصار لا يحقق أهدافه، فلابد من وصول السفن العثمانية إلى ذلك الممر، لمنع الإمدادات الصليبية، لكن كيف!! والسلسلة بالمرصاد؟!
لاحت للسلطان فكرة بارعة، وهي نقل السفن من مرساها في بشكطاش إلى القرن الذهبي، وذلك بجرها على الطريق البري الواقع بين الميناءين، مسافة نحو ثلاثة أميال، في أرض غير ممهدة. فأمر فمُهّدت الأرض وسُوّيت، ثم دهِنَتْ ألواح الخشب بالزيت والشحم، ثم وُضعت على الطريق الممهد بطريقة يسهل بها انزلاج السفن وجرها [1] .
لقد نجح السلطان محمد الفاتح في نقل أكثر من سبعين سفينة عن طريق البر، في طريق غير مستوية، وعلى مرأى من العدو، وإنزالها في القرن الذهبي، نعم نجح نجاحاً باهراً، وكان هذا النجاح -بفضل الله- مفتاح الانتصار، وسبب قطع الإمدادات عن العدو، وبالتالي فتح القسطنطينية.
لقد تجاوز محمد الفاتح -رحمه الله- العقبات تلو العقبات: الإمدادات الصليبية، السلسلة الضخمة، التحصينات الكبيرة، الضغوط النفسية، الخوف من الفشل، الطرق غير الممهَّدة. وكتب فتحاً مباركاً سَطَّره التاريخ بمداد من ذهب: محمد فاتح القسطنطينية.
إن للنجاح طعماً خاصاً، مذاقاً رائعاً، أثراً في حاضر المرء ومستقبله، بل لقد عَلَّمنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن يكون النجاح حليفنا، فليس للكسل، أو الهزيمة، أو تبديد الجهود والأوقات سبيلاً في حياة المسلم.
وهذه قصة نجاح آخر،
قمَّة جبل إيفرست، المكسوة بالجليد، ترتفع إلى نحو (9كم)، فوق مستوى سطح البحر،
تُعد أعلى جبال العالم، (8848م)، تقع في سلسلة جبال الهملايا، على حدود التيبت ونيبال. هناك فوق أعلى قمة جبل إيفرست، وفي 29 مايو 1953م، استراح إدموند هيلاري ومرشده، والتقطا صورًا لمدة (15) دقيقة قبل أن يبدآ الهبوط. فهما أول رجلين يصلان إلى قمة هذا الجبل.
لقد تجاوز النيوزلندي (إدموند هيلاري)؛ الانهيارات الثلجية، والشقوق العميقة، والرياح العاصفة، وشدّة انحدار الجبل، ونقص الأكسجين في الهواء، وهي الأمور التي كانت سبباً في فشل التجارب العشر السابقة لهذه التجربة، خلال ثلاثين سنة سابقة، بسبب امتلاكه أدوات النجاح: الإرادة، وفرة المعلومات، وامتلاك الأدوات اللازمة [2] .
وقصَّة نجاح ثالثة،
(تاكيو أوساهيرا)، أستاذ ثوره اليابان الصناعية، ابتعث من قِبَل حكومته لدراسة أصول الميكانيكا العلمية في جامعة هامبورج بألمانيا، يقول: لو أنني اتبعت نصائح أستاذي الألماني لما وصلت إلى شيء، كان يحلم بأن يصنع محركاً صغيراً، ووضع لنفسه هدفاً، هو معرفة (موديل) صناعة المحرك، فإن أتقن ذلك، فقد وضع يده على سر هذه الصناعة. إلاّ أن أستاذه بدلاً من أن يأخذه إلى المعمل، أو مركز التدريب العملي، أعطاه كتباً، حتى أتقن نظريات الميكانيكا كلها، وبقي المحرك أمامه لغزاً لا حل له.
ذات يوم، قرأ عن معرض محركات إيطالية الصنع، اشترى محركاً براتبه كاملاً، ذهب به إلى حجرته، نظر إليه كتاج من الجواهر. وقال في نفسه: هذا هو سر قوة أوروبا، لو استطعت أن أصنع محركاً كهذا، لغيرت اتجاه تاريخ اليابان.
عثر في رفوف كتبه على الرسوم الخاصة بالمحركات، وأخذ ورقاً كثيراً، وأحضر صندوق أدوات العمل، ومضى يعمل: رسم منظر المحرك، فَكَّكَه قطعة قطعة، رسم كل قطعة على الورق بغاية الدقة، وأعطاها رقماً، ثم أعاد التركيب، يا للفرح، هذا هو يعمل، كاد قلبه يطير من الفرح، استغرقت العملية ثلاثة أيام، كان يأكل في اليوم وجبة واحدة، ولا ينام إلاّ بما يمكنه من مواصلة العمل.
حمل النبأ إلى رئيس البعثة، الذي شكره، وقال: سآتيك بمحرك متعطل، وعليك أن تفككه، وتكشف موضع الخطأ، وتصححه، وتجعل هذا المحرك العاطل يعمل،
وخلال عشرة أيام، عرف مواضع الخلل، والتحق بمصانع صهر الحديد والنحاس والألمنيوم ليصنع القطع بنفسه، بدلاً من إعداد رسالة الدكتوراه - كما أراد أساتذته الألمان - يقول: كنت مرتاحاً، فأنا أخدم اليابان، وفي سبيل اليابان يهون كل شيء. قضيت في هذه الدراسات والتدريبات ثماني سنوات، كنت أعمل خلالها ما بين عشر وخمس عشرة ساعة في اليوم، بعد انتهاء يوم العمل، كنت آخذ نوبة حراسة، وخلال الليل كنت أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة. ثم اشتري آلات وأدوات، وعاد إلى اليابان. وهناك طلب إمبراطور اليابان رؤيته، فقال: لن أستحق مقابلته إلاّ بعد أن أنشئ مصنع محركات كاملاً.
استغرق ذلك تسع سنوات. وفي يوم من الأيام حمل مع مساعده عشرة محركات صنعت في اليابان، قطعة قطعة، حملوها إلى القصر، ووضعوها في قاعة خاصة، بنوها لهما قريباً منه، وأداروا المحركات، ودخل الإمبراطور، فلما سمع صوت المحركات قال: هذا أعذب صوت سمعته في حياتي؛ صوت محركات يابانية خالصة.
يقول: نقلنا قوة أوروبا إلى اليابان، ونقلنا اليابان إلى الغرب، وبعد ذلك نمت عشر ساعات كاملة لأول مرة في حياتي منذ خمس عشرة سنة [3] .
بإذن الله.........................ستصل مبتغاك....