مقالات فلسفية
الطبيعة والثقافة
نص السؤال : هل ثقافة الإنسان تنسجم مع طبيعته دائما ؟
* الطريقة الجدلية
كتابة المقالة :
المقدمة : " يولد الولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه " فقد كشف الحديث الشريف عن وجود جانب فطري في الإنسان مثل القدرات الكامنة فيه بالولادة , وجانب مكتسب هو قابلية هذه القدرات للنمو والتطور في ظل ما يقدمه المجتمع , ولكن هذان الجانبان ( الفطري والمكتسب ) هل هما متضدان أم متكاملان ؟ بمعنى آخر هل ما يكتسبه الإنسان " الثقافة " يضاف إلى ما هو موجود لديه بالفطرة " الطبيعية " أم يعارضه ويقاومه ؟ بمعنى آخر هل العلاقة بين الثقافة والطبيعة هي علاقة تضاد وتنافر أم علاقة انسجام وتكامل ؟
التحليل :القضية : ما هو ثقافي يعتبر مكملا لما هو طبيعي عند الإنسان .
الحجة: إن الطبيعة باعتبارها المحيط ( أي الواقع الموضوعي المستقل عن الفرد) أو باعتبارها الطبيعة البيولوجية (أي الفطرة والغريزة عند أفراد النوع البشري ) فإنها قابلة للتأثر والإنسان أدرك منذ القدم قدرته على التأثير في الطبيعة الموضوعية , حيث صنع أدوات ومعدات للعمل مكنته من استغلالها , ومع التطور الفكري والعلمي اكتشف الإنسان ذاتيته بقدراتها و اندفاعاتها فراح يستغل هذه المعرفة المكتسبة في فهم العوائق الموضوعية و الذاتية من أجل إحداث التكيف معها في تحسين الطرق البيداغوجية إلا محاولة لإبراز القدرات الفطرية كالذكاء والموهبة ...إلخ . وما التعليم إلا استغلالا لقدرات العقل وما الرياضة إلا استغلالا لقدرات الجسم فالثقافة تعمل على تنمية السلوك في حدود ما تقدمه الطبيعة .
النقد : لكن ما هو ثقافي لا يقبل دائما الانسجام مع ما هو طبيعي فالكثير من العادات والقيم والقوانين تحد من الاستعداد الطبيعي الكامن لدى الفرد .
النقيض :ما هو ثقافي يعتبر معارضا لما هو طبيعي عند الإنسان .
الحجة : وكما أن الإنسان أدرك بقدرته على التأثير في الطبيعة سواء الذاتية أو الموضوعية بما يحقق له التلاؤم والانسجام والتكامل معها فكذلك أدرك قدرته على الحد من تأثيرها عليه فأبدع وسائل للحد من مخاطر الطبيعة وصعوباتها كالسدود و الأنفاق ... كما هذب دوافعه و اندفاعاته الطبيعة كالأنانية وحب السيطرة بما أوجده من قوانين وقيم اجتماعية وبما أوحى إليه الله من مبادئ ومثل دينية وأخلاقية فما التربية إلا وضع حد لطغيان الغرائز وبذلك فالثقافة جاءت لتقف في وجه الطبيعة حتى يعيش الإنسان في وفاق مع الآخرين .
النقد : لكن ما هو ثقافي ليس مكملا دائما ولا معارضا دائما لما هو طبيعي .
إن الطبيعة والثقافة باعتبارهما قدرتان كامنتان عند الإنسان فهما متداخلتان إلى درجة الترابط الوثيق إذ لا يمكن الفصل بينهما إلا نظريا وما يتعارضان أحيانا ويتكاملان أحيانا أخرى .
الخاتمة :إن الفطري والمكتسب أي الطبيعة والثقافة شيئان ملازمان لشخصية الفرد أحيانا وفق ما تمليه عليه غرائزه و أحيانا وفق ما تمليه عليه ثقافته وعليه فالصراع بينهما والانسجام بينهما باق وملازم له في حياته وهذا من أجل التكيف.
الموضوع الثاني :
نص السؤال : ما دور الثقافة في حياة الإنسان ؟
كتابة المقالة :
المقدمة : ( الإحاطة بموضوع الثقافة ) .
إن الثقافة مرتبطة بالإنسان وحده دون الكائنات الأخرى و ينعدم معنى الثقافة بانعدام الجنس البشري وهي تمثل مفهوما واسعا من حياته باعتبارها كل ما يضاف إلى الطبيعة الفطرية لدى الإنسان فما هو الدور الذي تلعبه في حياته ؟
التحليل :
طبيعة الثقافة ودورها في حياة الإنسان : الثقافة ذات مفهوم واسع وقد عرفها الفلاسفة بتعاريف مختلفة فهي العناية بالأرض عند الفرنسيين وهي القيم الروحية عند الألمان , وهي غالبا ما تعرف على أنها مجموعة الأنماط والأشكال الاجتماعية للسلوك المكتسب .
من خصائصها أنها متعددة ومختلفة فلكل مجتمع ثقافته وهي شيء مكتسب يضاف إلى الطبيعة الأصلية عند الإنسان وهي خاصية إنسانية و تتجلى فيما يقوم به الإنسان في سلوكات وهي ما يبقى عند الإنسان عندما ينسى كل شيء .
وجود ثقافة : إن الثقافة تشكل كل القيم المادية والروحية التي أنتجها الإنسان وهي تمثل مظاهر التكيف الإنساني مع الطبيعة أولا فهي بذلك تكون في وجودها ملازمة لوجود الإنسان باعتبارها تمثل هذا الامتداد الواسع الذي يمتد من الصراع المباشر مع الطبيعة إلى غزو الفضاء مرورا بمختلف التحولات التي عرفها الإنسان عبر التاريخ .
قيمة الثقافة : إن المتأمل في تاريخ الإنسان يكتشف أن الإنسان في بداية الأمر كان أصغر من الطبيعة وأضعف منها بكثير , يخاف من غضبها و لا يستفيد من رضاها وهذا بفضل ما أنجزه بعقله وهو الثقافة التي بدونها ما كان ... ليقوى على هزم الطبيعة و لا تحقيق النصر .
الخاتمة : ( حقيقة الثقافة ) .
إن الثقافة هي التي جعلت من الإنسان أكثر من شيء بسيط في هذا الكون وقيمة الإنسان أكثر من شيء بسيط في هذا الكون وقيمة الإنسان تقاس بثقافته وبالثقافة يكشف الإنسان عن قدراته و طاقاته الكامنة فيه وعليه فالثقافة هي التي تميز الأقوام المتحضرين عن الأقوام الهمجيين .
الموضوع الثالث :
نص السؤال : ما علاقة الطبيعة بالثقافة ؟
كتابة المقالة :
المقدمة : ( الحذر من المظاهر)
إذا كانت الطبيعة هي ما تميز به الإنسان من صفات فطرية والثقافة هي تلك الصفات المكتسبة . وإذا كانت من عادات الإنسان أن يعرف الأشياء بأضدادها . أمكننا القول أن الطبيعة ضد الثقافة لأن الإنسان الطبيعي الذي يكون على الفطرة ضد الإنسان المتحضر المتصف بالعلوم وبما أنهما يوجدان لدى الفرد الواحد .
- فما هي العلاقة القائمة بين الطبيعة والثقافة ؟
التحليل :
1- أوجه الاتفاق : إن التشابه بين الطبيعة والثقافة يتمثل في كون كل منهما قدرة يوظفهما الإنسان في محاولات التكيف مع المواقف التي تواجهه .
فالطبيعة والثقافة كلاهما عبارة عن مادة يتسلح بها الإنسان في حياته اليومية فالأولى أقرب إلى المادة الخام . والثانية أقرب إلى كونها مادة جاهزة .
2- أوجه الاختلاف : إن من أشد الاختلافات بين الطبيعة والثقافة أن الطبيعة فطرية توجد مع الإنسان منذ الولادة , ويترتب عن ذلك أنها ثابتة ومشتركة لدى النوع البشري . يوجدها الله تعالى ولا يوجدها الإنسان . أما الثقافة فهي مكتسبة أي مأخوذة من المجتمع عن طريق التربية والتعليم . وهي قابلة للإثراء و يترتب عن ذلك انهما من إبداع الإنسان . فهي تمثل ما أنتجه الإنسان بيده وعقله
3- مواطن التداخل : إن العلاقة بين الطبيعة والثقافة ينظر إليها البعض على أنها علاقة تداخل وتكامل باعتبار أنه يصعب علينا التميز في كثير من الأحيان بين ما هو ثقافي وما هو طبيعي عند الإنسان مثلا: ظاهرة الأكل .
كما ينظر آخرون إلى هذه العلاقة على انه صراع وتضاد بينهما باعتبار أن ما هو ثقافي يتعارض مع ما هو طبيعي . مثلا : الغرائز والقيم الدينية والأخلاقية .
الخاتمة : ( نسبة الترابط )
نستنتج مما سبق أن الثقافة تختلف عن الطبيعة ولكن بوجودهما لدى الفرد الواحد فهما يظهران في شكل تداخل أحيانا . نظرا لأننا لا يمكن أن نعزل العناصر الثقافية عن العناصر الطبيعية كما يظهران في صورة تضاد أحيانا أخرى كون العناصر الثقافية جاءت لتهذيب العناصر الطبيعية أو الحد منها .
المحور الثاني : الشعور و اللاشعور
الموضوع الأول :
نص السؤال : هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية عند الإنسان ؟
* الطريقة الجدلية
المقدمة : يكاد يجمع علماء النفس في تعاريفهم للشعور على انه إدراك المرء لذاته أو هو حس الفكر لأحواله وأفعاله ' الحدس معرفة مباشرة ) وعليه يكون الشعور أساس المعرفة الذاتية . ومن ثمة فهل يمكن اعتماد الإنسان على شعوره وحده في إدراك كل ما يجول في حياته النفسية ؟ بمعنى آخر هل الشعور يصاحب كل ظواهر النفس ؟
التحليل :القضية الشعور يشكل مجمل الحياة النفسية ( الشعور أساس الأحوال النفسية).
الحجة : يذهب بعض الفلاسفة أصحاب النظرية الكلاسيكية ( التقليدية ) إلى أن الحياة النفسية في مجملها تقوم على أساس الشعور وعلى رأس هؤلاء " ديكارت " الذي اتبع منهج الشك الذي يشمل كل شيء إلا البداية الأصلية غير المشروطة في المعرفة والتي حددها ديكارت بـ" أنا أفكر إذن أنا موجود "وهو ما يعرف بالكوجيتو الديكارتي حيث سلم بوجود التفكير و بما أن الإنسان لا ينقطع عن التفكير فهو يشعر بكل ما يحدث على مستوى النفس وبما أن الشعور حدس والحدس معرفة مباشرة لا تخطئ فهو ينقل للفكر كل ما تعيشه النفس ومن ثمة لا وجود لحياة نفسية لا شعورية لذلك يرى أن كل ما هو نفسي يرادف ما هو شعوري . وهناك آخرون ممن يرون ذلك أمثال " ستيكال " أو " ابن سينا " في الفكر الإسلامي حيث يقول : " الشعور بالذات لا يتوقف أبدا " وهكذا ساد الاعتقاد قديما أن الشعور أساس الحياة النفسية .
النقد : لكن المتأمل في حياة الإنسان يكشف أنه لا يعيش كل لحظات حياته في حالة واعية بل تصدر منه سلوكات لا يشعر بها إلا بعد فواتها أو تنبيهه إليها مثل زلات القلم فلتات اللسان ... و هذا يدل على وجود حياة لاشعورية ..
النقيض : الشعور لا يشكل مجمل الحياة النفسية عند الإنسان (اكتشاف اللاشعور)
الحجة : اللاشعور هو مجموعة الحوادث النفسية المكبوتة التي تؤثر في النفس دون الشعور بها ويعتبر فرويد مكتشف اللاشعور ولو أن بوادر هذا الاكتشاف كانت موجودة قبله مع " ليبتز " " 1646-1716 " الذي حاول إثبات فكرة اللاشعور بالأدلة العقلية حيث قال : " لدينا في كل لحظة عدد لا نهاية له من الادراكات التي لا تأمل فيها ولا نظر " ثم جاء دور الأطباء ومنهم " برنهايم " (1837-1919) و " شاركو " ( 1825-1913 ) من خلال معالجة مرض الهستيريا ( اضطرابات عقلية ونفسية دون وجود خلل عضوي ) و فكرة التنويم المغناطيسي الأمر الذي هدى " فرويد " وبعد وقوفه على تجارب " بروير " (1842-1925) إلى اكتشاف اللاشعور وهذا يعني أن هناك جانبا في حياتنا توجد فيه أسرار وعقد لا يسمع لها بالخروج في حالة شعور , و من ثمة كشف عن نظريته في التحليل النفسي القائمة على التداعي الحر .
النقد : لكن اللاشعور حتى و إن أصبح حقيقة لا تنكر فإن الحوادث النفسية لدى الإنسان تبقى تجري في مجال الشعور بالدرجة الأولى فالإنسان يعيش معظم لحظات حياته واعيا .
التركيب : الحياة النفسية تتشكل من الشعور و اللاشعور .
من خلال ما سبق لا يمكن إهمال الجانب الشعوري لدى الإنسان ولا يمكن إنكار دور اللاشعور بعد ما تم التدليل عليه , ومن ثمة فالحياة النفسية عند الإنسان أصبحت بجانبين شعورية و لاشعورية باعتبار أن الشعور أمر لا يمكن إنكار وجوده . ولكنه لا يصاحب جميع أفعال الإنسان و لا يوجهها دائما . ثم أن للدوافع اللاشعورية أثر بارز في توجيه سلوك الفرد .
الخاتمة :إن الإنسان كائن واعي بالدرجة الأولى . وعليه فإذا كان شعور الإنسان لا يشمل كل حياته النفسية فما يفلت من الشعور يمكن رده إلى اللاشعور فهو في نظر فرويد مركز الثقل في الحياة النفسية وبالتالي فالشعور يشكل جانبا من الحياة النفسية واللاشعور يشكل الجانب الآخر .
الموضوع الثاني :
نص السؤال : ما الدليل على وجود اللاشعور ؟
الطريقة الاستقصائية :
المقدمة : ( الإحاطة بموضوع اللاشعور)
إذا كان فرويد قد أقر فكرة وجود اللاشعور في حياة الإنسان بعد أن كانت الفكرة مستبعدة عند علماء ما قبل العصر الحديث وأكثر من ذلك أن فرويد نقل مركز النقل في الحياة النفسية من الشعور إلى الجهات المبهمة و اللامعقولة منها على حد تعبير " جوزيف نوتان " ( عالم نفساني معاصر ) و يقصد بذلك اللاشعور , فإذا كان اللاشعور يشكل جانبا من الحياة النفسية .
فما هو الدليل على أنه حقيقة لا تنكر ؟
التحليل :
بيان طبيعة اللاشعور : اللاشعور هو مجموع الأحوال النفسية الباطنية التي تؤثر على سلوك المرء وإن كانت غير مشعور بها ( جميل أصليا) ولقد تم تحديد معالم اللاشعور انطلاقا من اكتشافات (برنهايم) المتعلقة بالتنويم المغناطيسي والتي كشفت لفرويد أن العناصر الموجودة في حالة كمون ( لاشعور ) لا تبقى بالضرورة في حالة ركود دائما , وإنما قد تؤثر في السلوك دون الشعور بها وبذلك فكك فرويد الحياة النفسية إلى شعورية و لاشعورية , ووصل إلى أن اللاشعور لا يبقى دائما مكبوتا خارج الشعور , بل جزء من شخصية الفرد وعلى أساسه يمكن فهم هذه الشخصية .
إثبات وجدود اللاشعور : يعتبر فرويد مكتشف اللاشعور وقد استدل على وجود اللاشعور بمجموعة من الدلائل , تعرف حاليا بدلائل وجود اللاشعور منها :
فلتان اللسان : وهي عبارة عن ألفاظ تقلت من الإنسان عن غير قصد و تعبر عن رغبة مكبوتة لديه .
الأحلام : إشباع رغبات الإنسان التي لم يشبعها في الواقع فتجد في النوم فرصة مواتية لذلك .
الإبداع : ويأتي عن عمل اللاشعور بمعنى أن عناصر تخيلاتنا تتجمع في اللاشعور وتختزن الصور المبدعة في الذهن ثم تنبثق دفعة واحدة في شكل الهام وهناك دلائل أخرى مثل : زلات القلم , الهذيان , النسيان ...الخ .
قيمة اللاشعور : لقد جعل فرويد من اللاشعور مصدرا لنشاط الإنسان و فعاليته في مختلف المجالات , وبذلك فهو يحتل مكانه أهم من الشعور في حياة الإنسان ,لكن ذلك لا ينسجم مع طبيعة الإنسان العاقل , وعلى العموم فلاكتشاف وجود اللاشعور جوانب إيجابية حيث ألقى الضوء على كثير من أسباب السلوك كانت مجهولة , وكشف عن جانب لم يكن معروفا في النفس كما له جوانب سليبة كالمبالغة في تحديد دور اللاشعور وأثره في الحياة النفسية وعدم الاهتمام بالجانب الروحي ...
الخاتمة : ( بيان حقيقة اللاشعور )
إن وجود اللاشعور قائم على كثير من الأدلة . وهو يشير إلى منطقة من الحياة النفسية وهي المنطقة التي تجري فيها العمليات اللاشعورية , مثلما يشير الشعور إلى المنطقة التي تجري فيها العمليات النفسية الشعورية غير أن الأدلة المستمدة تحتاج إلى دعم عملي تجريبي وكمي ما دام الأمر يتعلق بنظرية علمية في علم يهدف إلى أن يكون موضوعيا وكميا مثل باقي العلوم الأخرى .
المحور الثالث : الانفعالات
الموضوع الأول :
نص السؤال : هل سبب حدوث الهيجان الادراكات الذهنية أم التغيرات الجسمانية؟
المقدمة : " يعرف ريبو الهيجان بأنه صدمة مفاجئة شديدة يغلب فيها العنف , مصحوبة بازدياد الحركات أو انقطاعها كالخوف والغضب .." فإذا كان الهيجان هو ذلك الانفعال القوي المفاجئ الصادر عن وجود المثير , فعل حدوثه ناتج عن الإدراك الذهني أم عن تولد التعبير الجسماني ؟
التحليل :
الهيجان سببه ادراكات ذهنية للموقف
يركز أنصار النظرية الذهنية على الناحية السيكولوجية المتمثلة في التصورات الذهنية التي هي أساس الانفعال , فالانفعال حكم عقلي , فالخوف مصدره الشعور بالخطر .
فمثلا : 1- الإدراك = رؤية الوحش .
2- الإنفعال = الخوف .
3- الاستجابة = الهرب .
حيث يرى " هاربرت لوهان فريدريك " (1776-1841) فيلسوف ألماني مثالي أن الإنسان يشعر بالاضطرابات النفسية , أولا ثم ينتقل إلى البدن فالهيجان هو اضطرابات عقلية ونفسية تحدثها المنبهات الخارجية وتنقلها الحواس , والعقل يعطي لتلك المنبهات دلالة معينة مخيفة أو سارة ..الخ .
إدراك موقف ـ اضطرابات عقلية ـ هيجان ـ اضطرابات جسمية .
رؤية وحش ـ خوف ـ الهيجان ـ الهرب .
- ولكن لا هيجان دون تغيير فيزيولوجي , أي أن التصورات الذهنية وحدها لا تكفي لإحداث الهيجان .
الهيجان يتولد عن التعبيرات الفيزيولوجية التي تعتري الجسم : يرتكز أنصار النظرية الفيزيولوجية على الحركات والاضطرابات الفيزيولوجية التي تجعل الهيجان ظاهرا للعيان . وحذف المظاهر الجسمية في الانفعال يزيله ويجعله صورة باهتة .
فمثلا : 1- الإدراك = رؤية الوحش .
2- الاستجابة = الهرب .
3- الانفعال = الخوف .
حيث يرى وليام جيمس (1842-1910) عالم أمريكي أن المنبهات الخارجية تنقلها الحواس إلى الجهاز العصبي قبل أن يدركها حيث تتحول إلى تنبيه حركي فتتحرك العضلات وبعض الغدد وبعد ذلك يحدث الشعور النوعي خوف أو فرح ..الخ .
إدراك المثير ـ تغير جسمي ـ تغير نفساني ـ هيجان .
سيارة قادمة بسرعة ـ الابتعاد بسرعة ـ الشعور بالخوف ـ الهيجان .
- ولكن التعبير الفيزيولوجي وحده لا يمكنه تفسير الهيجان فالممثل مثلا .يكلف بالقيام بالدور فينجزه على أحسن ما يرام فتراه في حالة غضب وهو على غير ذلك .
الهيجان يصدر عن الفرد بكامله .
إن التصورات الذهنية شرطا ضروريا في حدوث الهيجان ولكنها غير كافية وحدها , كما أن التغيرات الفيزيولوجية هي الأخرى شرطا ضروريا في حدوث الهيجان ولكنها غير كافية وحدها , وعليه فالهيجان يتولد عن تشابك الادراكات الذهنية والتغيرات الجسمانية وهو موقف النظرية التلامسية التي تذهب إلى أن الشعور بالانفعال والتغيرات الجسمية يتمان في وقت واحد .
الخاتمة : الهيجان سلوك طبيعي عند الإنسان يشارك فيه الجسم والنفس معا فكل حادثة نفسية إلا وتحدث ضمن شروطها الفيزيولوجية وهذا ما جعل أرسطو يقول : " الانفعال ليس الجسم ولا في النفس بل في الإنسان " .
الموضوع الثاني :
نص السؤال : هل يقوم الهيجان بوظيفة إيجابية دائما في حياة الفرد .
المقدمة : الانفعال الهيجاني ظاهرة ملازمة للكائنات الحية , خاصة الإنسان والحيوان ومما لا شك فيه أن الإنسان أكثر من الحيوان يعيش أنواعا شتى من الهيجان يوميا يحاول من خلالها تحقيق التلاؤم والتكيف مع المواقف المستجدة فهل يمكن السلوك الهيجاني صاحبه من التكيف أم يؤدي به إلى الفشل والانحراف ؟
التحليل :
الهيجان تكيف :
يرى بعض الفلاسفة والعلماء أن السلوك الهيجاني يمكن صاحبه من التكيف مع المواقف التي تواجهه سواء تعلق الأمر بالإنسان أو بالحيوان . فقد ذهب " دارون " بيولوجي إنجليزي (1809-1882) إلى أن الهيجان سلوك ناجح حيث يقول : " أن الخوف يدفع الحشرة إلى السكون متظاهرة بالموت عندما يحدق بها الخطر وهي آلية دفاعية إيجابية .." كما يرى برغسون فيلسوف فرنسي (1856-1941) أن الهيجان قوة نفسية تؤدي بالعلماء و الفنانين وغيرهم إلى الإبداع والخلق في مختلف الميادين فهو وظيفة نفسية إيجابية .
لكن هل كل هيجان يؤدي وظيفة إيجابية ؟ فقد يحدث و أن يتجاوز الهيجان حدود التحكم الإرادي في السلوك فيتحول إلى سلوك فاشل .
الهيجان انحراف :
يرى بعض الفلاسفة والعلماء أن الهيجان لا يمكن صاحبه من التكيف بل يمنعه من ذلك لأن الاضطرابات القوية التي يعيشها المرء على مستوى النفس والجسم تفقده القدرة على التحكم في زمام الأمور , فلا يوظف طاقاته بشكل إيجابي وقد ذهب بيار جاني (1859-1947) إلى أن الهيجان سلوك فاشل و أدنى من المستوى المطلوب , لأن الإنسان في الهيجان يبدد طاقته و يصير عاجزا عن ضبط نفسه فيحدث الفشل . كما نظر جون بول سارتر إلى الهيجان (1905-1980) فيلسوف و أديب فرنسي على أنه سلوك بديل للسلوك العادي , الذي كان من المفروض أن يكون فيقول : " إن السلوك الانفعالي .. ليس سلوكا فعليا..".
لكن هل الهيجان فاشل دائما ؟ إن الواقع لا يثبت ذلك , فقد ينشط الهيجان القدرات الكامنة في الإنسان وبتوجيه عقلي حكيم يجعله يحقق ما لم يكن قادرا عنه في الظروف العادية .
الهيجان رد فعل طبيعي يهدف إلى التكيف :
إن الهيجان سلوك صادر عن الكائن الحي يتأثر بما يجري حوله من تغيرات. وهو يحاول التكيف دائما , لكنه لا ينجح فيلا جميع الأحوال , فقد ينجح أحيانا وقد يفشل أحيانا أخرى , فهو مفيد في المواقف التي تتطلب الهيجان ومضر في غيرها . والتربية تلعب في ذلك دورا كبيرا .
الخاتمة : الهيجان سلوك طبيعي عند الإنسان والحيوان . فهو استجابة و رد فعل تجاه مثير , يؤدي وظيفة إيجابية متى كان مهذبا وفي حدوده المعقولة . ويؤدي وظيفة سلبية متى كان عنيفا ويتجاوز الحد المعقول وعليه فالهيجان لا يؤدي وظيفة إيجابية دائما في حياة الكائن الحي .
المحور الرابع : العادة وأثرها على السلوك .
الموضوع الأول :
نص السؤال : هل يكفي التكرار وحده في اكتساب العادة ؟
المقدمة : تعرف العادة على أنها سلوك مكتسب بالتكرار و يعرف "ابن سينا" التكرار بأنه إعادة الفعل الواحد مرات عديدة زمنا طويلا في أوقات متقاربة فهل تكوين العادات يتوقف على دور التكرار فقط ؟
التحليل :
أ- العادة تكتسب بواسطة التكرار :
يؤكد أنصار النظرية الآلية على دور التكرار في اكتساب العادة حيث قال "أرسطو" قديما "العادة وليدة التكرار" فحفظ قصيدة شعرية يتم بتكرار قراءتها عدة مرات بحيث تصبح الكلمة عن طريق الإشرط إشارة تدعو الكلمة التي تأتي بعدها .
وهو ما تؤكد عليه النزعة الارتباطية التي ترى أن اكتساب العادة ما هو إلا تكرار حركات وربط بعضها ببعض حيث تصبح حركات الفعل منسجمة و مترابطة فالحفظ عن ظهر قلب يعني ربط الحركات ربطا قويا .
لا يمكن إنكار دور التكرار في تكوين العادة لكن الحركات فيها تجديد و الذي يكتسب عادة لا يعيد الحركات ذاتها بل يعدلها وعليه فالتكرار وحده غير كاف .
ب- العادة لا تكتسب بالتكرار وحده بل لابد من الوعي :
يذهب أنصار النظرية العقلية إلى أن اكتساب العادة يتم بواسطة العقل والإرادة والاهتمام الذي يوليه الشخص لمحاولاته حيث يرى " فون دير فيلت " أن الحركة الأخيرة أي العادة ليست مجرد إعادة للحركات السابقة حيث يقول: " الحركة الجديدة ليست مجرد تجميع لحركات قديمة " . وهذا الرأي نجده عند الكثير من أنصار الاتجاه العقلي حيث قسم " مين دي بيران " العادة إلى عادات منفعلة يتعودها الإنسان دون الشعور بها , وعادات فاعلة و هي التي يتدخل فيها العقل والإرادة .
لا يمكن إنكار دور العقل في تتبع الحركات (تثبيت المحاولات الناجحة وحذف المحاولات الفاشلة) لكن الواقع يكشف دور التكرار في اكتساب العادة فلا يمكن إنكاره .
ج- العادة وليدة التكرار و الوعي :
- العادة سلوك يكتسب بالتكرار , وليس سلوكا لا شعوريا بل سلوك يخضع إلى العقل الذي يراقبه ويعدله كلما اقتضت الضرورة . حيث يقول " بول غيوم" في كتابه " تكوين العادات " " إن علم النفس لا يجد صعوبة في استخلاص شرطين في تكوين العادات وهما : من جهة مرات تكرار الفعل ومن جهة أخرى الاهتمام الذي يوليه الشخص لفشله وإنجاحه " .
الخاتمة : إن التكرار هو العامل الجوهري والمباشر في اكتساب العادة بينما الإرادة والوعي والاهتمام هو العامل المتمم وغير المباشر في تكوين العادات .
المحور الخامس : الشخصية والطبع .
الموضوع الأول :
نص السؤال : هل الشخصية هدية طبيعية أم اجتماعية ؟
المقدمة :
الشخصية عند علماء النفس جانبان فطري ومكتسب فالفطرة هي الجبلة التي يكون كل موجود أول خلقه { حيث جاء في القرآن الكريم " فطرة الله التي فطر الناس عليها ..}, وهي الطبيعة الأولى التي يولد عليها الفرد والفطرة تقابل المكتسب و هو ما يضاف إلى الفطرة أي الطبيعة وهو ما يمثل التبدلات التي تطرأ على طبيعة الفرد خلال حياته , وعليه فهل شخصية الفرد فطرية أم مكتسبة ؟ بمعنى آخر هل الشخصية معطى من المعطيات الأولية التي تمنحها الطبيعة للإنسان أم أنها ثمرة النشاط التجريبي والتدريبي الذي يتم تدريجها من خلال ممارسة الحياة ؟
التحليل :
الشخصية هدية الطبيعة للإنسان :
يذهب الكثير من الفلاسفة والعلماء إلى أن الشخصية فطرية مثلا العقليون ومنهم "ديكارت " الذي يرى أن قوانين المعرفة ومبادئها قبلية و يرى " ليبنز " أن الإنسان يولد وفي نفسه استعداد فطري ينتقل من القوة إلى الفعل بالتجربة والعمل
- أما علماء الوراثة و على رأسهم " ماندل " يرى أن الطفل يرث استعدادات عن الآباء كما أن علماء الطباع وعلى رأسهم " لوسين " يرى أن الطبع ( العوامل الفطرية ) فطري و أن للإنسان نفس الطبع منذ بداية حياته حتى نهايتها , وهذا جعل العلماء يقولون أن الفطرة هي الأصل وأن الأصل ثابت و الثابت أقوى من المتغير وبالتالي فالشخصية تحددها الطبيعة .
نقد : لكن هل الشخصية تولد جاهزة وكاملة ؟ كلا إن الإنسان يولد ولا يملك القدرة على تمييز جسمه عن باقي أجسام العالم الخارجي .
الشخصية هدية من المجتمع للإنسان .
يذهب فلاسفة وعلماء أخرون إلى أن الشخصية مكتسبة عن طريق التربية والتعليم اللذين يتلقاهما الإنسان من المجتمع فيذهب علماء الاجتماع وعلى رأسهم " دوركايم " إلى أن كل مجتمع يقوم على الأفكار الجماعية التي تفرضها البيئة الاجتماعية على الوعي الإنساني ويقول " البورت " : " لا يولد الطفل بشخصية كاملة التكوين ولكن يبدأ بتكوينها منذ الولادة " وهكذا يؤكد علماء التربية على دور الطرق البيداغوجية في اكساب المهارات في تكوين شخصية متفوقة وهذا جعل العلماء يقولون بأن الشخصية تكتسب بالتدرج مرورا بمراحل وهي مراحل تطور الآنا فلا شخصية للمولود الجديد ولكن الراشد له شخصية معينة ومحددة .
نقد : لكن هل هذا يعني أن الشخصية المكتسبة كلية ؟
كلا إن هذه العوامل المكتسبة قائمة على تاريخ سابق هو الفطرة .
الشخصية هدية الطبيعة والمجتمع معا :
إن المعطيات التي يمنحها المجتمع للفرد عن طريق ما يسمى بالتأثير الاجتماعي تبقى محدودة في الواقع بالمعطيات التي تمنحها الطبيعة والوراثة فالمجتمع ليس بإمكانه أن يصنع بالفرد ما يشاء بل كل تشكل للفرد يخضع لنوع الوراثة التي يمر بها هذا الفرد منذ الولادة وبذلك يكون للوراثة دور كبير في تحديد شخصية الفرد كما يكون للمجتمع دور أيضا في تحديد الشخصية التي يرغب فيها حيث جاء في الحديث الشريف ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصارنه أو يمجاسنه ) .
الخاتمة : إن العوامل الفطرية أو ما يعرف بالطبع لا يكفي وحده في تكوين الشخصية , كما أن العوامل المكتسبة أو ما يعرف بالتطبع لا يكفي هو الآخر وحده في إعطاء الفرد شخصيته الكاملة , فالشخصية محصلة تفاعل المعطيات الفطرية والاجتماعية معا .
الموضوع الثاني :
نص السؤال : هل الوراثة وحدها كفيلة بإحداث فروق فردية ؟
المقدمة : الشخصية في نظر علم النفس الحديث هي جملة الخصائص الجسمية والعقلية والاجتماعية التي تحدد هوية الفرد وتميزه عن غيره فالناس وإن كانوا مشتركين في خصائص الجنس البشري كالتنفس والتكاثر والتغذية فإنهم يختلفون فيما بينهم في جوانب كثيرة كالجسمية والعقلية والوجدانية .. فما مصدر هذا التمايز والاختلاف ؟ هل يعود إلى تأثير الوراثة إلى تأثير البيئة ؟
التحليل :
الفروق الفردية مصدرها العوامل الوراثية :
يؤكد علماء الوراثة والبيولوجيا خاصة " ماندل " على دور تأثير الوراثة في إحداث الفروق الفردية حيث تعمل على نقل الصفات الجسمية كلون البشرة ولون العينين كما تنقل الصفات العقلية كالذكاء والمزاج ..
عن طريق الصبغيات أو الكروموزومات مما يجعل كل فرد ينطوي على خصائص جسمية وعقلية تميزه عن غيره ويستدل العلماء ببعض الأدلة الواقعية كتفوق أبناء العباقرة على أبناء الفئات الاجتماعية الأخرى في الدراسة حسب بعض التجارب .
كمثال عن التأثير في الجانب العقلي عائلة باخ الألمانية التي بها 57 عبقري وكمثال على التأثير الوراثي في الجانب الجسمي عائلة جيزيو المكسيكية والتي كل أفرادها يكسو الشعر الكثيف أجسامهم
إن الظروف الفردية لا يمكن ردها إلى العوامل الوراثية وحدها فقط و إلا لماذا تختلف صفات الأخوة والأخوات وحتى التوأم لعل هناك عوامل أخرى لها تأثيرها ومفعولها على الفرد وخاصة العوامل البيئية .
الفروق الفردية مصدرها العوامل البيئية : يؤكد علماء الاجتماع و الأنتروبولوجيا وخاصة " دوركايم " على دور البيئة وخاصة الاجتماعية في إحداث الفروق الفردية وفي بناء شخصية الأفردا حيث يقول " إذا تكلم الضمير فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا " فالإنسان مدين لبيئته وما دامت البيئة تتميز بالتنوع والتعدد فلا شك أن في ذلك دخل في تكوين فروق و اختلاف بين الناس لأن مصير الإنسان متوقف عليها . فكذلك للبيئة الطبيعية أثرها على الفرد وانطلاقا من اختلاف المناخ والتضاريس وانعكاساته على البيئة الجسمية فسكان الصحراء أجسامهم أضخم من سكان القطبين (أقزام) وعلى القدرات العقلية ( فالمناطق المعتدلة مهد الاكتشافات والاختراعات ).
إن الفروق الفردية لا يمكن ردها إلى عوامل بيئية وحدها وإلا لماذا تختلف مستويات الأفراد داخل المجتمع الواحد وحتى داخل العائلة الواحدة . إن الواقع يثبت أن للاستعدادات الوراثية دخل في إحداث التمايز بين الناس .
الفروق الفردية مصدرها الوراثة والبيئة معا :
إن الفروق الفردية لا يمكن ردها إلى الاستعدادات الفطرية و الوراثية وحدها .كما لا يمكن ردها إلى الشروط الطبيعية والاجتماعية وحدها وإنما إليهما معا لأن مصير الاستعداد الوراثي متوقف على الشروط البيئية كما أن التأثير البيئي وخاصة الاجتماعي متوقف على نوع الاستعداد الوراثي بمعنى ( الوراثة تحتاج إلى محيط ملائم تنمو فيه وإلا تحجر تضمر ) .
الخاتمة :
إن الاختلاف والتمايز والتباين في شخصية الأفراد إنما يعود إلى التفاعل الحاصل بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية فالتداخل بينهما كبير و السلوك الفردي نتاج لهما معا .
المحور السادس : الحرية والتحرر.
نص السؤال : هل الشعور كاف لإثبات الحرية ؟
التحليل :الحرية قائمة على الشعور بها :
يذهب بعض الفلاسفة من أنصار الحرية إلى أن الإنسان حر وأن أفعاله صادرة عنه وهو قادر على الشعور بها وعلى الشعور بأنه هو الذي يؤديها وقادر على تركها أو القيام بها فالحرية مجرد حالة شعورية يعيشها الإنسان وشهادة شعوره تكفي لإثبات وجودها .
التحليل : الحرية قائمة على الشعور بها :
يذهب بعض الفلاسفة من أنصار الحرية إلى أن الإنسان حر وأن أفعاله صادرة عنه وهو قادر على الشعور بها وعلى الشعور بأنه هو الذي يؤديها وقادر على تركها أو القيام بها فالحرية مجرد حالة شعورية يعيشها الإنسان وشهادة شعوده تكفي لإثبات وجودها .
حيث نجد في الفكر الفلسفي الإسلامي موقف المعتزلة والذي يعرضه أحد علمائها " الشهرستاني " حيث يقول " إن الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف إذا أراد الحركة تحرك و إذا أراد السكون سكن ومن أنكر ذلك جحد الضرورة ويقول " ديكارت " إننا جد متأكدين من الحرية وليس هناك شيئا نعرفه بوضوح أكثر مما نعرفها " .
كما يقول " جاك بوسويه " : " كلما أبحث في أعماق نفسي عن السبب الذي يدفعني إلى الفعل لا أجد فيها شيئا إلا حريتي وهنا أشعر شعورا واضحا بحريتي " . وهكذا تكون الحرية حالة شعورية , والشعور بالحرية يكفي دليلا على وجودها .
- لكن الشعور قد يكون مضللا لصاحبه , فكثيرا ما نكون متأكدين من أمر ما أنه حقيقة لكن لا نلبث أن نكتشف أننا كنا مخطئين .
الشعور لا يكفي دليلا لإثبات الحرية / الحرية قائمة على العمل والممارسة .
يذهب بعض الفلاسفة والعلماء وخاصة أنصار الحتمية والمحدثين منهم أن الحرية ليست مجرد شعور بل هي عمل وممارسة يومية إذ نجد في الفكر الإسلامي موقف الجبرية بزعامة " جهم بن صفوان " حيث يرون أن الله هو القادر وهو الفاعل فلا إرادة للإنسان أمام إرادة الله المطلقة . فكل ما يفعله الإنسان مقدر عليه من قبل الله وإلى رأي قريب من هذا الرأي يذهب سبينوزا الذي يقول : " الإنسان مجبر على فعل الفعل بعلة ما " .
أما في الفكر الحديث فالحرية لم تعد حالة جاهزة يعيشها الإنسان بل هي الغاية التي يسعى إلى تحقيقها عن طريق العمل الذي يمكنه من تجاوز الحتمية ولعل " كارل ماركس " أهم من عالج مشكلة الحرية انطلاقا من واقع إنساني مليء بالقيود يناضل فيه المرء من أجل التحرر .
والتحرر يقتضي ربط الفكر بالعمل من أجل إدراك الحتميات ثم تجاوزها وهناك يقول كارل ماركس : " إن الحرية وعي بالقيد " والعمل من أجل التحرر يكون على مستويات ثلاث :
أ- التحرر على مستوى الذات , ب – التحرر على مستوى المجتمع , ج- التحرر على مستوى الطبيعة وهكذا فالمهم في نظر كارل ماركس ليس أن نفهم العالم ولكن أن نفسره ونطوره " .
- لكن التحرر الذي يهدف إليه الإنسان يجب أن يكون واعيا ومخططا له و هو ما يتطلب عملية الفهم والوعي والشعور بالقيد أولا ثم العمل على تجاوزه بطريقة تجعله مسخرا لخدمة الإنسان .
* الحرية قائمة على الشعور بالقيد ثم العمل على تجاوزه :
الحرية لا تخلو من الشعور ولكن الشعور وحده لا يثبت الحرية كما أن العمل ضروري لتحقيق الحرية ولكن العمل المقرون بالوعي والشعور أفضل وأسلم للبشرية جمعاء , فالتقدم والتطور ( الصناعة ) الذي يمر بتدمير الطبيعة ( الغلاف الجوي ) لا يحقق للإنسان حريته .
الخاتمة : الحرية هي ذلك الفعل الواعي الذي يتحقق مع الإنسان باستمرار فبقدر ما يمتلك الإنسان من العلم والمعرفة بقدر ما يكتشف القيود وبقدر ما يعمل على تجاوز هذه القيود بقدر ما يحقق حريته ويقول " محمد عبدو "
الموضوع الثاني :
نص السؤال :هل المجتمع بالنسبة للفرد أداة قمع أم أداة تحرر؟
المقدمة : يقوم المجتمع الحديث على علاقات اجتماعية متينة أهم حلقاتها الفرد من جهة والمجتمع من جهة أخرى , وبما أن حياة الأفراد لا تنتظم إلا في أطر اجتماعية فإن علاقة الفرد بالمجتمع بقيت محل نقاش بين الفلاسفة و العلماء حيث ينظر البعض إلى أن المجتمع يلعب دورا فعالا في نمو قدرات الأفراد وتفتح مواهبهم لكن البعض الآخر يرى أن المجتمع يشكل عائقا أمام حريات الفرد . فهل يعتبر المجتمع أداة تحرر الأفراد أم قشرة ضاغطة عليهم ؟
التحليل :
المجتمع أداة قمع وضغط على الفرد :
يذهب بعض الفلاسفة إلى أن المجتمع يلعب دورا سلبيا في حياة الفرد حيث أوجد القوانين الاجتماعية والقيم الأخلاقية للضغط على الأفراد والحد من حرياتهم ولعل أهم من مثل هذا الرأي الفيلسوف الروحي صاحب النزعة الفوضوية " باكونين " الذي يرى أن قيادة الجنس البشري إلى مملكة الحرية لا يكون إلا باستبعاد مبدأ السلطة من حياة الناس وعلى رأسها الدولة .
كما نجد هذا الموقف عند أنصار الاشتراكية في صراعهم ضد المجتمع البورجوازي .
نقد : لكن المجتمع لا يحد دائما من حريات الأفراد , خاصة في المجتمعات الديموقراطية أين يصبح دور المجتمع مساعدة الأفراد على إبراز قدراتهم .
المجتمع أداة تحرر وتفتح للأفراد :
يذهب البعض الآخر من الفلاسفة إلى أن المجتمع يلعب دورا إيجابيا في حياة الأفراد حيث يضمن حرياتهم الفردية خاصة الحرية المدنية التي تسمح للأفراد بالاستمتاع بحقوقهم المدنية في ظل القانون . " فالإنسان مدني بالطبع " على حد تعبير ابن خلدون فما القيم الأخلاقية والقوانين الاجتماعية وما يعرف بالحقوق والواجبات إلا أطرا لحماية للحريات الفردية داخل المجتمع , وأكثر من ذلك إن حرية الفرد لا تتحقق إلا داخل المجتمع , فالمجتمع ضرورة تحتمها طبيعة الإنسان .
- لكن القوانين الاجتماعية غالبا ما تكون صادرة عن طبقة مسيطرة مما يجعلها قائمة على التعسف و لا تراعي مصلحة الجميع .
المجتمع قد يحد من حريات الأفراد كما قد يمكنهم من الاستمتاع بحرياتهم :
إن الناس يختلفون في نظرتهم إلى الحرية باختلاف مذاهبهم و اتجاهاتهم ولعل النظرة السليمة أنى يتمتع الإنسان بحرياته مع مراعاة حريات الآخرين ما دام يعيش معهم في محيط واحد , وقد جاء في المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته للقيود التي يعينها القانون ". والغرض من التقيد بالقانون ضمان الاعتراف بحقوق الغير , و احترام حرياته وتحقيق ما يقتضيه النظام العام من شروط عادلة .
الخاتمة : إن المجتمع أصلا يعمل على تحقيق الحريات الفردية إلا أنه أحيانا يحد من حرياتهم واستعداداتهم خاصة عندما تكون القوانين جائزة لا تخدم الصالح العام وعموما حرية الإنسان تبقى نسبية لا مطلقة " فحريتي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين " .
المحور السابع : المشكل الأخلاقي .
نص السؤال : هل يمكن إقامة الأخلاق على أساس العقل وحده ؟
المقدمة : إن المذاهب الأخلاقية وجدت نتيجة محاولة الفلاسفة فهم و تفسير الأخلاق العملية أي السلوك اليومي للناس ولذلك فأول خلاف واجهته هذه المذاهب هو أساس القيم الأخلاقية , وقد تعددت المذاهب الأخلاقية تبعا لتعدد هذه الأسس , والتي من أهمها العقل . فهل يمكن اعتبار العقل أساسا وحيدا للقيم الأخلاقية ؟ بمعنى آخر هل يمكن أن يجمع الناس كلهم على الأخلاق تبنى على العقل وحده ؟
التحليل :
العقل أساس القيمة الأخلاقية :
يذهب بعض الفلاسفة إلى أن العقل هو الذي يصنع القيم الأخلاقية و أن القيم الأخلاقية تتمثل في الفضيلة . حيث كان " سقراط " يقول : " أن العقل مصدر الفضيلة والخير الأسمى " إلا أن هذا الموقف بعثه من جديد وبقوة
الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط ( 1724-1804) االذي كان يرى أن العقل هو أساس القيم الأخلاقية , و ان هناك مبدأ واحد يعتبره الناس خيرا وهو الإرادة الخيرة ( النية الطيبة ) هي وحدها خيرا مطلقا , وهي لا تقاس بنتائجها و إنما بمبدئها الذاتي , ومن ثم بالأوامر الأخلاقية نوعان :
أ- الأوامر الشرطية : ونعني بها القيام بالفعل لخير مطلوب ( غاية ) .
ب- الأوامر القطعية : القيام بالفعل لغاية ذاتية ( الحق من أجل الحق ) وهو وحده فعل الأخلاقي مثل التاجر الذي يستقيم مع زبائنه يفعل ذلك طبقا للواجب , ولكنه بدافع المنفعة لا الواجب , والإرادة الخيرة تعمل بدافع الواجب لا طبقا للواجب , ولهذا سميت أخلاق كانط بأخلاق الواجب .
مناقشة : يعاب على أخلاق كانط أنها نظرية وصورية ولا تهتم إلا بالأخلاق التي تتطابق مع أوامر العقل , وتهمل الأخلاق النابعة عن الشعور , بينما يتصرف الناس حسب شعورهم أكثر مما يتصرفون حسب عقولهم .
ليس العقل الأساس الوحيد للأخلاق :
لقد وجدت الكثير من الأسس الأخلاقية قبل كانط , منها مبدأ اللذة الذي كان يعتبر في نظر أرستيب القورينائي هو الخير المطلق حيث قال " ... اللذة هي الخير الأعظم , وهي مقياس القيم جميعا ..." ثم عمل أبيقور على تطوير مذهب اللذة إلى منفعة حيث كان يرى أنه هناك لذة أفضل من لذة أخرى ... فاللذة العقلية أفضل من اللذة الحسية ... ثم عمل بنتام على تطوير مذهب المنفعة حيث وضع لها مقاييس .
كما وجد فلاسفة الإسلام في الدين المبدأ الملائم لإقامة الأخلاق لأن العقل وحده قاصر لا يملك القدرة على التميز بين الخير و الشر دائما . كما أن الواجبات الدينية كلها سمعية " أفعل ما تؤمر " آية . ودليلهم على ذلك اختلاف القيم باختلاف الديانات . وإرادة الله مطلقة اختيار لإرادة الإنسان فيها . ويمكن إقامة الاختلاف على أسس أخرى كما فعل بعض الفلاسفة الآخرون كأصحاب النزعة الاجتماعية " المجتمع " .
مناقشة : لا يمكن بناء الأخلاق على اللذة وحدها , أو المنفعة وحدها لأن المنافع متعارضة ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) كما أن الدين لم يوجد عند جميع الشعوب .
أساس القيمة الأخلاقية واحدا :
لا يمكن أن نبني الأخلاق على مبدأ واحد , حتى لو كان العقل أو الدين نظرا إلى أن القيم الأخلاقية نسبية متغيرة عبر الزمان والمكان وهي تابعة لشروط مختلفة تتحكم فيها . فالمجتمع الإسلامي يتمسك بالدين أولا و بالعقل ثانيا كمبدأين أساسين في إقامة الأخلاق دون إهمال باقي المبادئ الأخرى .
الخاتمة : معيار الفعل الأخلاقي ليس واحد , فقد تعددت مبادئ القيمة الأخلاقية بتعدد المذاهب الأخلاقية . لكن الأخلاق الإسلامية تركيبية شاملة لما تحتويه المذاهب الأخرى .
الموضوع الثاني :
يقول جون بول سارتر : لا يوجد غيري فأنا وحدي الذي أقرر الخير واخترع الشر " حلل وناقش " .المقدمة : يطلق لفظ الأخلاق على جميع الأفعال الصادرة عن النفس محمودة كانت أو مذمومة فالمحمود منها يعرف بالخير والمذموم منها يعرف بالشر , وهما المحوران اللذان يدور حولهما علم الأخلاق, و إذا كان سارتر قد أرجع الخير والشر إلى الفرد فهل مصدر القيمة الأخلاقية ذاتي دائما ؟ بمعنى هل الخير والشر من صنع الإنسان أم أن هناك أطرافا أخرى يمكنها صناعة القيم الأخلاقية ؟
التحليل :
القيمة الأخلاقية ذاتية : القيم الأخلاقية مصدرها الفرد
ذهب سارتر إلى أن مصدر القيمة الأخلاقية هو الفرد , فهو الذي يقرر الخير وهو الذي يخترع الشر , فتصور سارتر الإنسان على أن كائن لذاته , وتصور سارتر للنشاط الإنساني على أنه حر , وأن ماهية الإنسان هو ما يوجده بنفسه ( الوجودية ) يشتمل على فلسفة سارتر الأخلاقية والتي تنطلق من الذات فيترتب عليها أن الإنسان هو الذي يضع القيم فيضع الخير والشر . وبذلك فهو يعدم وجود الغير وقدرة الغير في وضع القيم وعلى هذا كانت المسؤولية مطلقة عند سارتر .
غير أن هذا الرأي نجده عند أنصار النزعة التجريبية والنزعة العقلية على حد سواء , فالتجريبيون يرجعون مصدر القيم الأخلاقية إلى التجربة و الممارسة الفردية , التي تتطور إلى عادة اجتماعية , كما أن العقليون يرون أن مصدر القيم الأخلاقية هو العقل الإنساني إذ به نحكم على الأشياء وبه نميز بين الخير والشر وبالتالي فالفرد مصدر القيم الأخلاقية .
- لكن الفرد ليس المصدر الوحيد للقيم الأخلاقية , فإقصاء الغير في صناعة الأخلاق أمر لا يثبته الواقع , كما أن التجربة الفردية مختلفة و متناقضة والعقل قاصر لا يهدي صاحبه في جميع الأحوال القيمة الأخلاقية موضوعية : القيم الأخلاقية مصدرها المجتمع والدين .
إن الأخلاق في نظر آخرين من الفلاسفة على خلاف " سارتر" تنبع من المجتمع ومن الدين حيث يرى أنصار النزعة الاجتماعية أن القيم الأخلاقية نابعة عن تأثير الجماعة في الفرد حيث يقول " دور كايم " : " إذا استنكر أحدنا الفاحشة فلأن المجتمع يستنكرها " . كما يرى أنصار الاتجاه الديني أن القيم الأخلاقية صادرة عن الوحي ( فالتعليم الدينية مصدر القيم الأخلاقية ) فهي جاءت لكي تساعد العقل على إدراك الخير والشر .
هذا الموقف الديني نجده بوضوح عند مفكري الإسلام خاصة موقف الأشاعرة الذي يعتبر الدين مصدر الخير والشر فالواجبات في نظرهم سمعية كلها " افعل ما تؤمر " آية . باعتبار أن القيم مختلفة باختلاف الدين .
- لكن الفرد قد يحدث ثورة فكرية , وأخلاقية ويخرج عن العرف ويغير قواعد المجتمع , كما أن المثل الأعلى الوارد عن طريق الوحي قد ينعدم لدى بعض الشعوب وتبقى لديهم أخلاقهم الخاصة .
القيمة الأخلاقية ذاتية وموضوعية : القيم من صنع أطراف مختلفة .
من القيم الأخلاقية ما هو صادر عن الفرد وتبقى هذه الأخلاق محل اختلاف بين الناس , ومن القيم ماهو صادر عن المجتمع كالعادات و التقاليد وهي متغيرة من جماعة لأخرى , و من القيم ما هو صادر عن الوحي كأخلاق المسلمين وما يتعلق بالحلال والحرام وهي تتمتع بالثبات .
الخاتمة : إن موقف سارتر من الأخلاق لا يمكن التسليم به , إذ ليس بإمكان الفرد أن يقرر وحده الخير والشر , رغم أنه قادر على إبتكار القيم الأخلاقية وقادر على الالتزام بها أو تركها . فالقيم الأخلاقية تصنعها أطراف مختلفة الفرد , المجتمع , الدين .
المحور الثامن : المسؤولية والجزاء .
نص السؤال : هل المجرم المسؤول الوحيد عن جرائمه ؟
مقدمة : إن الحديث عن المسؤولية يقودنا إلى الحديث عن فكرة الجزاء فإذا كانت المسؤولية هي تحمل الفرد لنتائج أفعاله فالجزاء هو النتيجة المترتبة عن تحمل المسؤولية إذ لا يمكن أن تستقيم الحياة الاجتماعية إلا بتحديد المسؤوليات ولا فائدة من تحديد المسؤوليات دون تطبيق الجزاء لكن المشكلة التي تواجه عملية تطبيق الجزاء هي مشروعيته بمعنى هل كل إنسان يقوم بفعل يكون وحده المسؤول عنه ؟ أو بمعنى آخر إذا صدر عن الإنسان فعل شر فهل نعتبره مجرما ونحمله وحده نتائج الفعل , أم أن هناك أطرافا أخرى يجب أن تتحمل معه نتائج فعله ؟
التحليل :
المجرم مسؤول وحده عن جرائمه :
إن الجزاء في نظر فلاسفة الأخلاق هو الثواب والعقاب والجزاء في الأصل هو الفعل المؤيد بقانون كالعقاب الذي يفرض على من ارتكب الجريمة فإذا تعمد شخص إلحاق ضرر بآخر فليس من المعقول ألا نعاقبه بل نجد المبرر الكافي الذي يدعونا لعقابه فالعقاب هنا مشروع وعادل كون الإنسان حر وعاقل وهذا نجده عند أصحاب النزعة العقلية ومنهم " أفلاطون " قديما حيث قال : " إن الله بريء والبشر هم المسؤولون عن اختيارهم الحر " وقال كانط حديثا :"إن الشرير يختار فعله بإرادته بعيدا عن تأثير الأسباب و البواعث فهو بحريته مسؤول " ونجد هذا الموقف في الفكر الفلسفي الإسلامي عند المعتزلة الذين يقولون : " إن الإنسان يخلق أفعاله بحرية لأنه بعقله يميز بين الخير والشر فهو مخير لا مجبر فهو مكلف مسؤول " والغرض من العقاب في نظر هذا الاتجاه هو مجازاة المجرم بحسب جريمته .
مناقشة : ولكن مهما كانت حرية الإنسان وقدرته العقلية فإنه لا يمكن إهمال طبعه وظروفه فالإنسان خاضع لحتميات تجعل اختياره محدودا .
المجرم لا يعتبر وحده المسؤول عن الجريمة :
إن الدراسة الحديثة في مجال علم النفس وعلم الاجتماع أثرت كثيرا على المشرعين وغيرت نظرتهم إلى العقوبة والغاية منها وإلى المجرم و أساليب التعامل معه مما