قلة الكلام وكثرة الأفعال هي ميزة الانسان الناجح وتكون ملازمة له أينما ذهب ، فالنجاح يحتاج إلى العمل والتعب ومن ثم يأتي بعدها الإنجازات التي هي شهادة على نجاحاتك ، ففي مجال العمل ستُشاهد هذه الميزة منتشرة ، فسترى صنف يتحدث كثيرا ولكن أفعاله قليلة ، وصنف عكس ذلك ، والموظف الذي يُطالب بترقيته يُسأل ” ماذا انجزت ” أو ” ما هي إنجازاتك في عملك التي تستحق عليها الترقية ” ، بالإضافة إلى ذلك لغة التسويف ، وهي آفة يجب أن نقضي عليها وأن لا تتواجد في حياتنا ، ونُكرر كلمة سوف التي تؤدي إلى تأخير الأمور وتأجليها لسنوات حتى تختفي ، فخير الكلام ما قل ودل عليه الفعل ليكون علامة واضحة للجميع عندما يُشاهدوه ويعرفوا أن هذا الفعل لم يوجد إلا بفعل فاعل كان له علامة نجاح ، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبره حيث قال : من عمل منكم عملا فليتقنه ” وهذا دليل على التشجيع على العمل وإتقانه ، وتحويل الكلام إلا محسوسات ، ومن نصائح لقمان لابنه : يا بني كن لين الجانب، قريب المعروف، كثير التفكر قليل الكلام إلا في الحق، كثير البكاء قليل الفرح. ولا تمازح ولا تصاخب ولا تمار، و إذا سكت فاسكت في تفكر، و إذا تكلمت فتكلم بحكم … ، فقلة الكلام له فـوائد كثيرة في حياة الإنسـان ، بل إن بعض العوائق التي نعيشها أحد أسبابها كثرة الحديث والقيل والقال دون تحقيق أي نتائج .
هذا الجانب الأول من كثرة الكلام ، أي يجب علينا أن نفهم جيدا أن لا نتحدث أكثر مما ينبغي ونترك الأفعال جانبا ، بل علينا اتباع الكلمة بالفعل لكي تكون كإثبات لنا في المستقبل ، ولا تضع أنفسنا في موقف مُحرج لنظرات الآخرين ليهمسوا فيما بين أنفسهم ” كثيرة الكلام لا أكثر ولا أقل ” وتكون نظرة سوداء إليك ، لماذا يحدث ذلك وانت في طريقك للنجاح وتحقيق الأهـداف ، وكإثبات على إن الثرثرة ما هي إلا عادة في أغلبها سلبية قال دايل كارنيجي: ” إذا كنت تريد أنْ ينفض الناسُ من حولك ويسخروا منك ـ حينما توليهم ظهرك ـ فهاك الوصفة: لا تعط أحدًا فرصة للحديث، تكلم بغير انقطاع، وإذا خطرت لك فكرة بينما غيرك يتحدث، فلا تنتظر حتى يتم حديثه ؛ فهو ليس ذكيًا مثلك ! فلم تضيع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف ؟! اقتحم عليه الحديث ، واعترض في منتصف كلامه !![ كيف تحاور/23] قال فوليتر : ( إذا أردت أنْ تكون مملاً فتحدث في كل شيء) [ أخلاقيات الحوار/74 ]
قال وليم شكسبير : ( الكلمات التي تفتقر إلى المعاني لا ترتقي إلى السماء ) وقال أيضا : ( الإيجاز خلاصة الذكاء ) .
أما الجانب الثـاني من كثرة الكلام ، فهي من جهة الآخرين ، فالإنسان المُميز سيتعرض في دربه لأحاديث والأقاويل التي لن تنتهي من مَن حوله إما يكون إيجابيا وإما سلبيا ، في هذه الحالة علينا بالتقليل من ما يصدر منا من كلام كردة فعل بل ويُفضل الصمت ، فرُب كلمة أضاعت كل ما بنينا ورُب كلمة كسبت بها قلوب الآخرين وكنت مثالا على إنسـان ناجح يُحتذى به في تعامله وكلامه الذي وظفه بطريقة رائعة ليكون صفة محمودة لا يتصف بها إلا قلة من الناس وأغلبهم من فئة الناجحين .
والإعتراف بالخطأ هو ميزة مُلازمة للقول والفعل ، فالإعتراف بالخطأ من الصفات التي يجب أن تتوفر في الجميع وليست محصورة للناجحين والمُبدعين ، لأن المعنى من الإعتراف أنك ستتعلم منه وتتبعه بتصحيح لكي لا يتكرر في الايام القادمة ، أما من يُكابر ويترفع عن الوقوف ويتحمل المسؤولية في ما وقع من أخطاء ، فسيأتي يوم وينهار فيه كل ما قام ببنائه ، لأن الهـدف من معرفة اخطائنا وتحملنا لنتائجها ليس التقليل من الشخص أو أن نعتبرها سلبيات ، فكما نعلم ليس هناك من هو معصوم من الخطأ ، بل علينا عدم تكراراه ، فليس عيبا أن يقع شخص في زلة ، فالعيب كل العيب هو أن تتكرر الزلة فتُصبح زلات مُتتالية ، وكأن كل زلة لم يتوقف عندها ليتم مُعالجتها ، فما أجمل أ ن نعمل بصمـت وهـدوء ، وفي حالة الأخطـاء نعترف ونُعالجها ، لأننا نبحث عن خطوات النجاح .