ما حكم الحلف بغير الله؟
الحلف بغير الله عز وجل مثل أن يقول: وحياتك! أو وحياتي! أو والنبي! أو والسيد الرئيس! أو والشعب! أو ما أشبه ذلك، كل هذا محرم، بل هو من الشرك؛ لأن هذا النوع من التعظيم لا يصلح إلا لله عز وجل، ومن عظَّم غير الله بما لا يكون إلا لله فهو شرك، لكن لما كان هذا الحالف لا يعتقد أن عظمة المحلوف به كعظمة الله لم يكن الشرك شركاً أكبر، بل كان شركاً أصغر، فمن حلف بغير الله فقد أشرك شركاً أصغر؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:{لا تحلفوا بآبائكم؛ من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت} وقال r:{من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك} رواه الترمذي وحسنه، وصححه الحاكم.
وعلى هذا فيحرم على المسلم أن يحلف بغير الله سبحانه وتعالى، لا بالكعبة ولا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بجبريل، ولا بولي من أولياء الله، ولا بخليفة من خلفاء المسلمين، ولا بالشرف ولا بالقومية، ولا بالوطنية، كل حلف بغير الله فهو محرم وهو نوع من الشرك.
من كتاب/ " فتاوى العقيدة " / للإمام العثيمين. رحمه الله
هـل الشرك الأصغر مـن كبائر الذنوب ؟
الشرك الأصغر أكبر من كبائر الذنوب؛ قال ابن مسعود - رضي الله عنه- " لئَن أحلف بالله كاذباً أحب إليَّ من أن أحلف بغيره صادقاً " وهذا يدل على أن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة، وهو كذلك.
من فتاوى الحرم النبوي/ للإمام العثيمين/ شريط رقم17)
هل يغفر الله الشرك الأصغر؟
فيه خلاف من العلماء، منهم من قال أنه يدخل تحت المشيئة؛ إن شاء الله غفر له.
ومنهم من قال: لابد أن يعذب، لكن لا يخلد في النار.
وعلى كل حال: حتى لو قلنا إنه تحت المشيئة فهل الإنسان ضامن أن الله يشاء أن يغفر له؟!!
ليس بضامن، حتى المعاصي - غير الشرك- التي هي داخلة تحت المشيئة - بلا شك- لا يجوز للإنسان أن يتهاون بها بناءً على أنها تحت المشيئة؛ لأن الأصل هو وقوع العقاب.
من سلسلة لقاء الباب المفتوح/ للإمام العثيمين/ شريط رقم179).
الرد على من يحلف بغير الله بحجة أن نيته طيبة!
لا شك أن النبي r جاء لإصلاح القلوب، ولكنه لم يأتي فقط لإصلاح القلوب، بل ولإصلاح الظاهر أيضاً؛ ذلك لأن هذه الظواهر تنبئ عن البواطن، ولذلك يقول العلماء: "الظاهر عنوان الباطن" ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يربط فيه العمل وهو ظاهر بالقلب وهو باطن- لا يعلم ما في القلوب إلا الله عز وجل- فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: {إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم}. رواه مسلم.
من شريط / ألفاظنا في ميزان الشرع/ للإمام: الألباني
هـل العبرة بما في القلب دون العمل؟
من الخطأ الشائع والفاحش أن يقال في بعض المناسبات أن العبرة بما في القلب!!.
لا، هذا كلام ناقص؛ العبرة بما في القلب وما في العمل؛ ذلك: لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر في الحديث: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب} فلذلك كما جاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لإصلاح القلوب جاء أيضاً لإصلاح الأعمال؛ بدليل تلك النصوص، ولا شك ولا ريب أن الأقوال من جملة الأعمال وإذ كان الأمر كذلك فينبغي أن تكون أقوالنا في حد ذاتها صالحة كالعمل.
من شريط / ألفاظنا في ميزان الشرع/ للإمام: الألباني
لا يشفع للعمل الطالح النية الصالحة
لا يجوز لمسلم أن يأتي بعمل ثم يظهر أن هذا العمل مخالف للشرع فيرقِّعونه بحجة أن نيته طيبة!! هذا ترقيع، ذلك لأنه لا يشفع للعمل الطالح النية الصالحة؛ أي إذا كان العمل مخالفاً للشرع وكانت النية صالحة هذه النية الصالحة لا تقلب العمل الطالح المخالف للشرع إلى عمل صالح، كما أنه - على العكس من ذلك تماماً- لو كان العمل صالحاً وكانت النية فاسدة فهذا العمل الصالح لا يقلب النية الفاسدة فيجعلها صالحة.
من شريط / ألفاظنا في ميزان الشرع/ للإمام: الألباني
نصوص مـن السنة تدل على اهتمامه صلى الله عليه بإصلاح الألفاظ
عندنا نصوص وأحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتجلى فيها اهتمامه صلى الله عليه وآله وسلم بإصلاح الألفاظ كما اهتم بإصلاح الأعمال، من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:{إياك وما يُعتذرُ منه} وأوضح من هذا قوله عليه السلام: {لا تكلمنَّ بكلام تعتذر به عند الناس}.
ويـزيد الأمــر وضـوحـاً ومعالجـة فعليـة منه عليه الصلاة والسلام لبعض الأقوال التي صدرت من بعض الأصحاب خطئاً، فما نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم - حينما نظر إلى فساد تلك الأقوال- ما نظر إلى صلاح قلوب قائليها، وإنما توجه إلى إصلاح تلك الأقوال؛ لأنه مكلف من رب العالمين أن يصلح الأعمال والأقوال مع القلوب.
من ذلك: الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد- رحمه الله- في مسنده من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوماً فقام رجل من الصحابة فقال: "ما شاء الله وشئت يا رسول الله"! فقال عليه الصلاة والسلام- بشيء من الانزعاج والغضب- {أجعلتني لله نداً !! قل ما شاء الله وحده} وفي الرواية الأخرى:{قل ما شاء الله ثم شئت} .
من شريط / ألفاظنا في ميزان الشرع/ للإمام: الألباني
سبب غضب النبي صلى الله عليه وسلم ممن قال: "ما شاء الله وشئت"
ما أكثر ما نسمع الآن عدم التجاوب من كثير من المسلمين مع هذا التوجيه النبوي الكريم في هذا الحديث؛ ذلك لأن كثيراً من العرب المسلمين عادوا كالعجم المسلمين؛ يعني ما يعرفون لغتهم العربية، ولا يفرقون بين قول القائل: "ما شاء الله ثم شئت" وبين قول القائل: "ما شاء الله وشئت" ويكاد كثير من الناس حينما يقرؤون هذا الحديث أو يسمعونه لا يفهمون السـر في كون الرسول عليه الصلاة والسلام غضب من ذاك الصحابي حينما قال:"ما شاء الله وشئت" وعاد الرسول عليه الصلاة والسلام بالإنكار، وأصلح له العبارة وقال: {قل ما شاء الله وحده} أو: {ما شاء الله ثم شئت} .
والفـرق: أن "الواو" في اللغة العربية تفيد الجمع؛ إذا قال القائل: جاء الملك والوزير معناه: جاءا معاً، أما إذا قال القائل: جاء الملك ثم الوزير، معناه: أن الملك جاء متقدماً ثم الوزير جاء متأخراً، لهذا السبب أنكر الرسول عليه الصلاة والسلام قول ذلك القائل:"ما شاء الله وشئت" لأنه قرن مشيئة النبي صلى الله عليه وسلم وجمعها مع مشية الله، والله يقول:{وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللهُ رَبُّ الْعَالمَينَ} فمشيئة الله هي الغالبة، ومشيئة عباده هي من مشيئة الله، وبعد مشية الله تبارك وتعالى.
من شريط / ألفاظنا في ميزان الشرع/ للإمام: الألباني
غضب النبي صلى الله عليه وسلم كان على القول ولم يكن على القصد
لـو رجـعنا إلى ذلك القائـل:"ما شاء الله وشئت" ودقّقنا في قوله عليه الصلاة والسلام: {أجعلتني لله نداً} أي شريكاً.
وسألناه: هل أنت تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم ند وشريك مع الله؟!!
لقال: أعوذ بالله؛ أنا ما آمنت به رسولاً ونبياً إلا فراراً من الإشراك بالله - تبارك وتعالى- مع ذلك فقد أنكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه تلك اللفظة؛ لأنها تُشْعِر بخلاف ما يريد المتكلم، وهنا بيت القصيد -كما يقال- من هذه الكلمة العاجلة.
بيت القصيد: أن المتكلم ذاك لا يريد أن يجعل نبيه شريكاً مع الله في الإرادة والمشيئة؛ بمعنى أنه لا يكون شيء في هذا الكون إلا بمشية الله ومشيئة رسول الله! حاشى هذا الصحابي، بل حاشى أي مسلم أن يعني هذا الشرك الصريح، لكن اللفظة توهم هذا .
من شريط / ألفاظنا في ميزان الشرع/ للإمام: الألباني
كل هذه الأحاديث كانت لإصلاح الظاهر
هذا الحديث والذي قبله، وقبله كل ذلك لإصلاح الألفاظ.
ولا يغتر الإنسان بقوله: أنا نيتي طيبة!
يا أخي بارك الله في نيتك الطيبة، لكن ألا تريد أن يبارك الله في قولك الطيب أيضاً!
فيجب: أن يقترن القول الصالح -كما قلنا- مع العمل الصالح.