على غرار قانون نيوتن لقوة الجذب بين الكتل الكبيرة نجح علماء الفلك في ألمانيا في تطوير نوع من الميزان الفلكي لمعرفة أوزان كواكب المجموعة الشمسية بما فيها الأقمار والحلقات التابعة باستخدام الإشارات الضوئية التي ترسلها أجرام سماوية مضيئة.
غير أن فريق الباحثين تحت إشراف البروفيسور ديفيد شامبيون بمعهد بون لأبحاث الفلك الإشعاعي أشار في الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة "أستروفيزكال جورنال" إلى أن الهدف الأصلي لهذه الطريقة هو تقصي آثار موجات الجاذبية التي تنبأ بها ألبرت أينشتاين في نظرية النسبية والتي لم يثبت لها دليل علمي مباشر حتى الآن على الرغم من الأبحاث العلمية التي أجريت عليها على مدى عقود.
ويعتمد الباحثون في هذه الطريقة على التردد المنتظم بشكل هائل لنجوم نترونية محددة وهي النجوم التي يطلق عليها الفلكيون اسم النجوم النباضة أو المتغيرة وهي بقايا "جثث" نجوم خمدت وتدور بسرعة فائقة مما يجعلها ترسل في الفضاء شعاعا ضوئيا في نطاق موجات الراديو، ثم تحوم هذه الموجات فوق الأرض.
ويعتبر تردد أو إيقاع هذه النجوم النباضة مستقرا لدرجة تجعل من الممكن ضبط عقارب الساعة عليها بشكل ما. غير أنه من غير الممكن قياس هذا النبض الدقيق على الأرض بشكل مباشر لأن كوكب الأرض يقترب تارة أثناء دورانه حول الشمس ويبتعد تارة أخرى "مما يشوش قياس منسوب الدوران تماما كما يحدث مع مسافر بالقطار عندما يشعر بأن القطارات المقابلة أقرب منه عما هي في الواقع" حسب أوضح الباحثون.
الحل:
راقب الفلكيون ما يعرف بالنقطة المركزية للنظام الشمسي وهي النقطة التي تدور حولها جميع الكواكب والتي تكون فيها معدلات إشارات أشعة الراديو المنبعثة من النجوم النباضة متساوية.
ويمكن حساب ما يعرف بمركز الدوران للكواكب من خلال معرفة وقت دوران جميع النجوم وكتلتها بما في ذلك الأقمار والحلقات التي تدور حول الكواكب. ويعرف العلماء وقت دوران الكواكب على وجه الدقة.
وإذا لم تكن الكتلة معروفة بدقة يحدث تذبذب خاصة بمدة معينة مع وقت دوران الكوكب المعني، فعلى سبيل المثال فإن تذبذا بطول 12 عاما يشير إلى وقوع خطأ فيما يتعلق بالكتلة المستخدمة لنجم المشترى العملاق.
واعتمد الباحثون في هذه الدراسة على معلومات رصد فلكية لأربعة نجوم نباضة وحددوا من خلالها كتلة كل من كوكب عطارد والزهرة والمريخ والمشترى وزحل. وبناء على ذلك قدر الباحثون كلتة المشترى وأقماره و حلقاته التابعة بـ9547921ر0 من واحد من الألف من كتلة الشمس، أي مئتي ترليون طن، وبذلك تكون دقة هذا الحساب أفضل من قياسات أخرى سابقة لمسبار "فوياجير" و مسبار "بيونير" ولكنها أقل دقة من مسبار المشترى "جاليليو". ولكن دقة هذا الميزان الفلكي قابلة للزيادة حسبما أكد الباحث شامبيون الذي أضاف: يمكن للعلماء تحديد كتلة نظام المشترى بشكل أدق عن تحديد مسبار فضائي وذلك من خلال الاعتماد على النجوم النباضة العشرين لتي تم اكتشافها على مدى سبع سنوات". كما أن طرقة النجوم النابضة تسمح بقياس إجمالي كتلة أحد الكواكب بما في ذلك أية أقمار وحلقات تابعة لم يتم اكتشافها بعد. غير أن لميزان الأجرام السماوية أهمية أخرى تماما وعن ذلك قال ميشائيل كرامر، مدير معهد ماكس بلانك لعلم الفلك الإشعاعي: نحتاج نحن الفلكيين الى قياسات النجوم النباضة الفلكية المتسلسلة زمنيا على وجه الدقة لتعقب موجات الجاذبية كما تتنبأ بها نظرية النسبية العامة لأينشتاين.
وأوضح كرامر أن موجات الجاذبية تنشأ عندما يتغير مجال الجاذبية ويحدث خلل بالزمان المكاني المذكور في نظرية النسبية. وحسب هذه النظرية فإن الأرض تنتج موجات جاذبية أثناء دورانها في مسارها حول الشمس، غير أنه من غير الممكن حاليا قياس هذه الظاهرة إلا عند وقوع أحداث عظيمة مثل انصهار ثقبين أسودين.
وربما فتح التدليل على وجود موجات جاذبية أمام علماء الفلك نافذة جديدة تماما في الكون يمكن من خلالها رصد صفات ونطاقات جديدة تماما للفضاء، كما أن العلماء يأملون في رصد موجات الجاذبية في إشارات النجوم النباضة من خلال التذبذبات الخفيفة في التردد "ولكننا لن نستطيع إثباتها إلا إذا استبعدنا جميع العناصر الممكنة للخطأ" حسبما أشار كرامر الذي أضاف:أي أن علينا تصحيح التشويش الذي تسببه الكتلات الخاطئة في معدلات الوميض في مركز الدوران للكواكب
[]