رائـحـة الجـــنة
قصة حقيقية حصلت في أبوظبي بالإمارات
كان هناك محلٌ لبيعِ وصياغةِ الذهبِ والمجوهراتِ ، وكانَ يُدِيرُهُ رجلٌ كبيرُ السنِّ ، يظهرُ عليهِ الصلاحُ والتعلُّقُ بالدينِ.
وفي ليلةٍ من الليالي ، دخلَ عليهِ رجلٌ وكانَ معهُ خاتمٌ مكسورٌ فأعطاهُ للصائغ ِليُصْلِحَهُ ، فأخذهُ الصائغُ وبَدَتْ عليهِ علاماتُ الذُّهولِ من شكلِ هذا الرجلِ ، فقد كانَ البياضُ عنوانَهُ : « أبيضُ البَشرةِ ، أبيضُ الشعرِ ، أبيضُ اللِّباسِ ، أبيضُ النَّعْلِ ، ذو لِحْيةٍ طويلةٍ وبيضاءَ » فقالَ لهُ الصائغُ : هلْ لكَ أنْ تستريحَ يا سيدي على هذا الكرسي حتى أَفْرُغَ من إصلاحِ خاتمك.
جلسَ الرجلُ دونَ أن ينطقَ بأيّ كلمةٍ ، وخلالَ هذهِ اللحظةِ ، دخلَ رجلٌ وزوجتُهُ إلى المحلِّ وبَدَأَا يستعرضانِ المحلَّ ، ومن ثمّ سألتِ الزوجةُ عن سعرِ عقدٍ أعجبها ، فقالَ لها الصائغُ : أعطني دقيقةً يا سيدتي حتى أنتهيَ من خاتمِ هذا الرجلِ.
ذُهِلَ الزوجانِ من الصائغِ وخرجا من المحلِّ مُسْرِعَيْنِ. تعجَّبَ الصائغُ من سببِ مُغادرتهما بهذا الشكلِ وأكملَ عملَهُ ... فإذا برجلٍ يدخلُ المحلَّ وبيدِهِ إسورةٌ مكسورةٌ ويطلبُ من الصائغِ إصلاحَها بسرعةٍ لأنّهُ في عجلةٍ من أمرِهِ ، فيُجِيبُهُ الصائغُ : حاضر يا سيدي ، ولكن دعني أنهي خاتمَ هذا الرجلِ ... تَلَفَّتَ الرجلُ يميناً وشمالاً ولم يجدْ أحداً فقال : أجُنِنْتَ يا رجل ، لا أحدَ هنا ، وخرج غاضباً. فَجُنَّ الصائغُ من الموقفِ وبدأَ يذكرُ اللهَ ويقرأُ المعوذاتِ ،
فقالَ لهُ صاحبُ الخاتمِ : لا تخفْ أيها الرجلُ المؤمنُ ، إنّما أنا مُرْسَلٌ من عندِ ربكَ لا يراني إلا عبادُهُ الصالحونَ ، وقد أُرسِلتُ لأَقْبِضَ روحَكَ الطيبةَ إلى جنةِ النعيمِ ، وقد كنتُ قبلَ قليلٍ بالجنةِ في بيتِكَ المنيرِ، وقد شربتُ من ماءِ نهرِكَ العذبِ ، وأكلتُ من بستانِكَ العنبَ ...
فطارَ عقلُ الصائغِ فرحاً وأَخَذَ يحمدُ اللهَ ...
أكملَ الرجلُ قائلاً : كما أنّي أحملُ منديلاً أخذتُهُ من بيتِكَ بالجنةِ ، فأَبْشِرْ بِرائِحةِ الجنةِ ، فأخرجَ المنديلَ من جَيْبِهِ وقالَ : أيها العبدُ الصالحُ ، شُمَّ رائحةَ الجنةِ ...
فأخذَ الصائغُ المنديلَ وشَمَّهُ شَمَّةً قويةً ثم قالَ : آآآآآه ، إنها رائحةٌ لا تخطرُ على بالِ البشرِ ، ثم أخذَ شَمَّةً أخرى أقوى من الأولى وقالَ : يَا لَهَا مِنْ رائحـةٍ تُذْهِبُ العَقْلَ ، يَا لَهَا مِنْ رااااائحـة ... وأُغْمِيَ عليهِ.
*** * ***
بعدَ فترةٍ ليست بالطويلةِ ، استعادَ الصائغُ وَعْيَهُ وإذا بِهِ يَلْتَفِتُ فَيَجِدُ أنّ محلَّهُ قد سُرِقَ بالكاملِ ، ولم يَبْقَ فيهِ أيُّ شيءٍ ، فقد كانتِ الرائحةُ القويةُ بالمنديلِ لمادةٍ مُخَدِّرةٍ ، وكانَ الرجلُ ذو اللِّباسِ الأبيضِ عضواً في عصابةٍ ومعهُ أيضاً الزوجانِ والرجلُ ذو الإسورةِ المكسورةِ.
والقانون لا يحمي المغفّلين ؟