تبدو البلاد ية على رأي البعض في شكل رباعي الأضلاع غير منتظم، تحده شمالا جبال ذات قمم مسننة، يتجاوز ارتفاعها 2000م, والمعروفة بجبال الأطلس، التي يمكننا تقسيمها إلى سلسلتين من الجبال، احداهما ساحلية تمتد متواصلة، باستثناء في الوسط، بين الريف ومنطقة القبائل، حيث تترك الجبال المكان لهضاب وتشكل الخلجان. وأخرى داخلية تشكل جبال تسالا(tessala) ومرتفعات الونشريس والبيبان أهم حلقاتها. وبين هاتين السلسلتين تمتد السهول متتابعة شبه ساحلية مثل سهول معسكر وسيدي بلعباس.هذا حول الحد الشمالي لهذا المضلع، بينما يكون الأطلس الأعبى والصحراوي حده الجنوبي. إذ يكون الأطلس الأعلى بمرتفعاته التي تتجاوز أحيانا 4000م حاجزا أمام الرياح المحملة ببخار الماء, بينما يتميز الأطلس الصحراوي بقلة الإنحذار والارتفاع وكذا اتصاله شمالا بالبحر وجنوبا بالصحراء دون أنيكون عائقا للاتصال بين الشمال والجنوب بفضل المعابر التي تتركها حلقات هذه السلسلة.ولاكتمال حلقات هذا المضلع نجد في المغرب كتلة الأطلس الأوسط التي تشكل حلقة وصل بين الأطلس الأعلى في الجنوب الغربي والأطلس التلي، وفي الشرق نجد جبال الظهر التونسي، التي تعد امتدادا للأطلس الصحراوي، تجتاز تونس ممتدة من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي لتصل في النهاية إلى رأس الطيب. ان امتداد الجبال شمالا حتى البحر وغربا حتى المحيط وجنوبا حتى الصحراء لا يعني غياب السهول على طول السواحل حيث نجد سهول مجردة والسهول الساحلية الشرقية في تونس، والسهول الساحلية الغربية بالمغرب الأقصى، والسهول العليا الجزائرية -المغربية, التي تظهر في شكل أحواض مغلقة. ورغم تعدد وتنوع هذه السهول، فالمرتفعات تبقى هي الغالبة على البلاد المغاربية، فمتوسط الارتفاع في الجزائر 900م, و800م في المغرب رغم وجود أعلى المرتفعات في المغرب، أما تضاريس تونس فهي أكثر بساطة, فمتوسط الارتفاع لا يتجاوز 300م، وأعلى قمة في إقليم قصرين لا تتجاوز 1554م.
تلك هي تضاريس الشمال الإفريقي، التي كانت نتيجة حركات القشرة الأرضية وكذا العوامل الطبيعية التي ساهمت في التشكيل المورفولوجي لافريقيا الشمالية الواقعة ما بين خطي عرض 18-38 شمالا، في موقع تخضع معه لتأثير البحر والمحيط والصحراء وقد أدى تباين التضاريس والموقع من البحرأو الصحراء إلى تباين الأقالبم المناخية، فقساوة المناخ القاري تقابلها لطافة المناخ البحري الذي لا يشمل غير شريط ساحلي ضيق بالقياس إلى مجموع البلاد أما فيما يخص الثروة الغابية، فهي تنتمي إلى مثيلاتها في الحوض الغربي للمتوسط، حيث نجد البلوط، والعرعار، والعفصية، والعناب والخلنج، وكذا الارز الذي تراجع نحو المرتفعات في قمم الأطلس الأوسط والونشريس والأوراس، أما التنوب (sapins) النوميدي فما زال يغطي قمم جرجرة.
أما بالنسبة للتساقط فأهم خصائصه هي : الإختلاف وسوء التوزيع الفصلي والإقليمي، وعلى العموم نجد أن أراضي شمال أفريقيا تعاني نقصا في الماء، فاذا كانت للمغرب الأقصى الأفضلية بفضل تأثير المحيط ففي الجزائر وتونس لا يفلت من الجفاف غير الشريط الساحلي الضيق، وهو شريط لا يتجاوز عمقه في كل الحالات 100-200كيلومتر، وأبعد من ذلك تسيطر السهوب مع متوسط تساقط سنوي يقل أحيانا عن 100 ملم مكعب.
كما أنعكس الإختلاف وسوء توزيع الأمطار على المجاري المائية التي نجد بعضها دائمة الجريان، مثل وادي سباو، وأم الربيع، والملوية، والشلف، ومجردة وغيرها مع اختلاف المنسوب بين فصل وآخر وحتى أثناء الفصل الواحد.
وتعتبر ظواهر التساقط وجريان المياه والأرض من العوامل الأساسية التي تتحكم في الغطاء النباتي، ا لذي يتنوع بشكل كبير، من الغابات الكثيفة في مرتفعات الأطلس إلى السهوب العارية التي لا تنمو بها غير بعض النباتات العشبية التي تربى عليها قطعان الماشية من غنم وماعز.
إلى جانب هذه النباتات الأصلية، نجد نباتات أخرى دخلت إلى المنطقة من الأقاليم المجاورة، مثل السنط، التي تنتمي إلى الأقاليم الإستوائية الجافة، والرجراج والبقس، التي يبدو أنها دخلت من أوروبا، وظل الغطاء النباتي يزداد تنوعا، باقتناء أنواع جديدة مثل الصبار والأغاف، أصيلا أمريكا، وأخيرا الكاليتوس الذي أدخل من أستراليا.
فتنوع الغطاء النباتي الذي أشرنا إليه، هو في ذات الوقت نتيجة العوامل الطبيعية وعمل الإنسان، فالإنسان قد غير بشكل عميق النسيج النباتي لافريقيا الشمالية، فإلى جانب تراجع الغابات أمام زراعة الحبوب والبقول، يجب الإشارة إلى خطر الرعي على الغابة, فالمواشي تؤثر على الشجيرات والبراعم الضرورية لتجديد واستمرارية الغابات، إضافة إلى الزراعة والرعي، استخدم الإنسان الغابة لتغطية احتياجاته لمواد البناء والوقود.
في ختام هذا التقديم ونقول إن تباين التضاريس والمناخ والغطاء النباتي وكذا صعوبة الاتصال بين مختلف الأقاليم وانعدام الأودية الكبرى وقساوة الصحراء إضافة إلى ثنائية النمط المعيشي ((الحضر والوبر)) جعل بعض المؤرخين الاستعماريين يؤمنون بنقمة الطبيعة ويحكمون بالعجز الأبدي عن قيام وحدة في المنطقة المغاربية، وهو مايفنذه الواقع إذ لم تصمد العوامل الجغرافية أمام التاريخ، فهناك شواهد كثيرة، تعود إلى عصور عتيقة، تبين أن قساوة الصحراء لم تستطع أن تكون حاجزا، وتمكن الإنسان دائما أن يقيم اتصالات، رغم ما يكلفه ذلك من جهود وتضحيات وتمكن من تحقيق الوحدة عبر العصور، كلما أمكنه ذلك، فهذا ما تحقق في عهدالملك مسينيسا قديما وعهدي الموحدين والمرابطين في التاريخ الإسلامي، وما نعمل على تحقيقه في إطار الإتحاد المغاربي حاليا
الدعاااااااااااااااء