الأدب الشعبي
إن التراث الشعبي يشمل كل موروث على مدى الأجيال من أفعال وتقاليد وعادات و سلوكيات وأقوال تتناول مظاهر الحياة العامة والخاصة ، وطرق الاتصال بين الأفراد والجماعات الصغيرة ، والحفاظ على العلاقات الودية في المناسبات المختلفة بوسائل متعددة، والاحتفال بالمناسبات التي يبدو من طرائقها عدد كبير من " معتقدات " الشعب الدينية والروحية والتاريخية ، تتحول إلى رموز سيميولوجية تعبر تعبيرا دالا عن الحدث بوعي مضموني عميق ، تبدو في مظاهر الاحتفال في الزواج مثلا(1).
1- تعريف الأدب الشعبي :
إن الأدب الشعبي مصطلح مركب من لفظتين اثنتين : أدب و شعبي .
فلفظة " أدب " قد عرف مدلولها تطورا كبيرا عبر التاريخ والثقافات والعصور ليستقر في آخر المطاف على ذلك الكلام الفني الجمالي رفيع المستوى من شعر أو نثر صادر عن أديب كاتب أو شاعر خاضع لمنطق فني معين .
أما لفظة" شعبي " هو ما اتصل اتصالا وثيقا بالشعب إما في شكله أو مضمونه ، أو أي ممارسة اتصفت بالشعبية تعني أنها من إنتاج الشعب إما في شكله أو مضمونه ، أو أي ممارسة اتصفت بالشعبية تعني أنها من إنتاج الشعب أو ملك للشعب (2). ومنه فا الأدب الشعبي هو ذلك الأدب الذي أنتجه فرد بعينه ثم ذاب في ذاتية الجماعة التي ينتمي إليها مصورا همومها وآلامها ، في قالب شعبي جماعي يتماشى ونظرتها ومستواها الفكري والثقافي واللغوي وموقفها الإيديولوجي إزاء المجتمع (3).
وقد تعددت تعريفات المهتمين بالأدب الشعبي فلكل واحد رؤية خاصة للموضوع يقول الباحث عبد الحميد محمد : " الأدب الشعبي رباط وثيق بكل أمة ، يولد معها ويترعرع بجوارها ويتربى في تربتها ويرضع من ثدييها ، ويحتر كل الحياة حلوها ومرها بلا تباطؤ ، فإذا هو يعد ذلك أدب شعبي قمين بالالتصاق بهذه الأمة ، مكين في روحانياتها : متشبث في قاعدتها غائص في أعماقها ، فيصير ترجمة لها وعنوانا " (4) .
ويعرف أحمد صالح رشدي الأدب الشعبي فيقول : "إن الأدب الشعبي ينبعث من عمل أجيال عديدة من البشرية من ضرورات حياتها وعلاقاتها من أفراحها وأحزانها ، وإنما أساسه العريض فقريب من الأرض التي تشقها الفؤوس وأما شكله النهائي فمن صنع الجماهير المغمورة المجهولة ، أولئك الذين يعيشون نصف الواقع (5).
(1) حلمي بدير : أثر الأدب الشعبي في الأدب الحديث ، دار الوفاء للطباعة والنشر ، ( د - ط ) 2002 ، الإسكندرية ، ص 15 .
(2) سعيد محمد : الأدب الشعبي بين النظرية والتطبيق ، ديوان المطبوعات الجامعية ، ط4، الجزائر ، 1998 ، ص08 – 09 .
(3) المرجع نفسه : ص 14 .
(4) عبد الحميد محمد : روح الأدب ، دار الثقافة ، (د-ط) 1972، ص13 .
(5) أحمد صالح رشدي : الأدب الشعبي ، دار المعرفة ، (د_ط) 1954 ، ص09.