موضوع شيق في الفكر الديني لدى الأمازيغ سابقا...

الفكر الديني لدى الأمازيغ:

من الصعب معرفة تفاصيل تهم المعتقدات الدينية الليبية بصورة واضحة، وذلك قبل وصول التأثيرات الخارجية حيث لا يوافينا المتخصصون في عصور ما قبل التاريخ بمعلومات تمكننا من معرفة أكثر بتلك الطقوس التي يمارسها الإنسان الليبي قديما. إذ تقتصر هذه المعطيات على الطقوس الجنائزية. فما نعرفه عن الحياة الدينية للأمازيغ هو مجرد إشاعات حيث يشير المؤرخون إلى أن البربر كانوا يدينون بالديانة الأحيائية .
عموما عرف الأمازيغ خلال مراحل تطور فكرهم الديني نفس الخطوات التي مر بها الإنسان بصورة عامة. انطلاقا من ظاهرة الاعتقاد في وجود قوى خفية تتحكم في مصيره إلى بعض الظواهر الدينية التي يختلط فيها السحر بالدين كالانيمة والقيتشية وصولا إلى اعتقاده في كون الطبيعة مليئة بالأرواح الخيرة والشريرة والجن، لدرجة أن كل حركة من الحركات من مظاهر الطبيعة وراءها روح من الأرواح . والجدير بالإشارة هنا التذكير بدور الموت والفنا وطرقه في ظهور عقيدة الإيمان بوجود حياة اخرى وبفكرة الخلود واللحود ومحتوياتها توحي بوجود فكرة الخلود لدى الأمازيغ والتي برزت معها عبادة الموتى والأسلاف، التي ستتحول بالتدريج إلى عبادة الملوك. كما عرف الأمازيغ القديم بدوره عبادة مظاهر قوى الطبيعة التي اعتبرت مرحلة أساسية مرت منها كل الشعوب. وتتمثل هذه القوى في الجبال والكهوف والأحجار والماء والنجوم والكواكب والأشجار أو في المغارات والأماكن .
وبهذه المرحلة عرف الفكر الديني الأمازيغي، تطورا نوعيا انتقل به إلى مستوى ظهور ما يعرف بالأرباب.

 نماذج الأرباب الأمازيغية الأصلية:
اعتمادا على نصوص هيروديت وديودور الصقلي ورحلة حانون وصاحب رحلة سكيلاكس أصبح من المؤكد أن فكرة وجود أرباب أمازيغية أصيلة اقتبسها الإغريق بعد ذلك، بل ويؤكد ديودور الصقلي أن "الأرباب ولدت في بلادهم [بلاد الأمازيغ] وهو رأي يتفق عليه الإغريقيون ويؤكده أشهر شعائرهم [هوميروس] .
وإذا عدنا إلى التاريخ هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد فنجده يذكر أن الامازيغ الذين كانوا يعتقدون في الربة اتينا يقول "غير ان القاطنين منهم عند البحيرة الشريتونية يقربنون لاتينا خاصة من بعدها لثريثون وبوصيدون" وهذا ما يؤكد بان هذه الارباب امازيغية في الاصل، إلا أننا لا تدري هل هذه الاسماء المعروفة بها في بلاد الاغريق هي نفسها التي كانت تعرف بها في بلاد الأمازيغ أم أن هذه الأسماء تخفي أسماءها الأصلية التي لا نعرف عنها أي شيء لحد الآن.
والشيء المؤكد لدينا هو انه في القرن الخامس قبل الميلاد على الأقل كان الأمازيغ يهجدون أربابا ثلاثة بل ويقيمون حفلا سنويا للربة "أثينا" تنقسم فيه عذاراهم فريقين يحارب احدهما الآخر بالحجارة والهراوات وبهذا على حد قولهم يظهر اجلالهن على نمط الأسلاف نحو تلك الربة الوطنية التي ندعوها نحن أثينا وتعتبر الفتيات اللائي يمتن متأثرات بجراحهن عير أبكارة.
ويلاحظ أن هذه الشعيرة عن صراع طقوس ذي طابع ديني مرتبط بمعبود أمازيغي وان الهدف من هذه الصراعات الطقوسية العمل بطريقة عنيفة على طرد الأمراض والشرور والآثام، التي تسكن جسمي المصارعين، هذا فضلا عن تجديد المقدس بتطهير الجسم من الذنوب والأخطاء التي تراكمت طيلة السنة بمعنى آخر طرد الماضي بشره على الخصوص. ونشير إلى أن ظاهرة طرد الشر بواسطة الطقوس العنيفة نجد رواسبها لدى جماعات دينية متعددة في المغرب الحالي كحمادشة وأتباع الهادي بنعيسة.

ويجب التذكير أن بوصيدون وترثون يمثلان مكانة شرفية إذ يذكران ضمن المجموعة الثالثة من الأرباب الشاهدة على قسم جنيبعل. وبجانب الأرباب الثلاثة التي ذكرها هيرودوت هناك أرباب امازيغية كثيرة أخرى منها الربة "ثانيت" والربة "افريقيا" والربة "اوليسوا". والأرباب طباكاكس" وكورزيل وامون وانزار ومجموعة من الأرباب المعروفة بالأرباب المورية كالارباب المذكورة في لوحة بابا وأرباب مجيفة وغيرها.
وهناك أرباب كان تعتقد أنها مكرية كامون وأزيس وتفنوت وسباووخ وأش. يظهر أنها أمازيغية الأصل وهذا ما سنحاول توضيحه من خلال تعريفنا ببعض هذه الأرباب.

 الــرب آمــــــون:
إذا انطلقا من حاضرنا، نلاحظ أن الإنسان في العالم القروي خاصة الذي يرى الغنم لا يزال يبجل ويحترم بل ويقدس قرون كبش الأضحية والنذور، ويحتفظ بها في بيته اعتقادا منه أنها تدفع عنه وتقيه شر النظرة والعين. يبدو أن هذا المعتقد من بقايا رواسب العقيدة الأمازيغية العنيفة الخاصة بتقديس وبتبجيل الكبش والتي تعتبر النقوش والرسوم الصخرية من أقدم الوثائق التي تشير إليها. ولكن لماذا الكبش؟
لن الكبش يعتبر من أكثر الحيوانات شبقا وسهوانية، وقد ختير للدلالة على القدرة التناسلية المخصبة مثل الثور. ويتعلق به رمز الخصوبة ويوصف بأنه رمز القمح.
ويبدو أن أمون الذي يرمز له بالكبش كان يعتبر الرب الرئيسي الأمازيغي. وقد أكدت النصوص وجوده منذ القرن السادس قبل الميلاد والى غاية العهد البيزنطي. وهناك من يعتقد بان وجود الشعوب الأخرى، فهو يقابل بعل حمون البوني وزيوس اليوناني. أما أصله فقد تم الاختلاف حوله.
فقد قيل بأنه من أصل مصري وهناك من يقول انه أمازيغي، وسنحاول مناقشة هذين الرأيين لقد كان من المسلمات لغاية بداية هذا القرن. أن مصر هي التي كانت وراء انتشار من عبودتها عبر شمال افريقيا كما أن الأكباش المتوجة أو المحاطة رؤوسها بهالة، والنحوت على النقوش الصخرية في جبال الأطلس، كانت رغم البعد الجغرافي قد ربطتن بكل بساطة بالالاه المصري أمون بطيبة، والذي كان "هنري باص" قد عثر اسمه تحت شكل "امان" الذي تعني السيد. وقد تحول آمون الالاه الكبش الى الاه شمس بعد امتزاجه مع "رع" واخذ يفرض سيطرته من منطقة الى اخرى، منتجها من الشرق تالى الغرب الى ان هيمنت عبادته على كل شمال افريقيا. هذا الافتراض أصبح مقبولا الى غاية القرن العشرين لأنه اتضح ان الكبش المتوج لا يمكن ان يكون هو كبش آمون – رع، لأنه وبكل بساطة ان الكبش المتوج المنحوت في النقوش الصخرية أقدم بكثير من آمون رع. ويعود الى مرحلة من العصر الحجري الحديث. كما أن الباحث "كسيل Gsell" كان في البداية يدافع عن الفرضية القائلة بالأصل المصري لعبادة الكبش الأمازيغي في الجزء الاول من كتابه "التاريخ القديم لشمال افريقيا" بينما تخلى عنها في الجزء السادس من نفس الكتاب. وهذا يعني أن قيدوم مؤرخي شمال افريقيا الذي يعود الكثير من الباحثين إلى افتراضه وفرضياته قبل لأول مرة بان يعترف بأن عبادة الكبش الأمازيغي لا علاقة له بعبادة أمون المصرية .
2 ـ الرب أوزيرس Osiris
يعتبر من أقدم الارباب المصرية، كان له دور كبير في صياغة الدين المصري القديم بسبب السيطرة المطلقة لأساطير أوزيريس على الذين في مصر بمختلف صورها ويمكن تلخيص أسطورته مع اختلاف الزمان والمكان، في أن أوزيرس" كان ابن "جب" من "نوت". وهبه أبون حكم الارض فحسده شقسقه "ست" وتحايل عليه حتى وضعه في صندوق محكم الاغلاق. والقى به في النيل الذي جرفه الى البحر. وظلت زوجة "أوزيريس" وشقسقته أيضا المعبودة "ايزيس" تبحث عنه حتى عثرت عليه وانقذته فغضب "ست" اليه الشر وقتل "أوزيريس" وقطعه إربا وألقى بأطرافه في كل بقعة من أرض مصر وتقول احدى الروايات ان "إيزيس" جمعت أطراف زوجها "أوزيريس" واعادته الى الحياة من جديد. بعد ذلك "حورس" والذي يسمى "حورس الأكبر" ابن "اوزيريس" لينتقم لأبيه من عمه "ست" حيث تقلب عليه في معارك ضارية ويعتبر "أوزيريس" رب النما والخصب والبعث ورب الخير والحياة الاخرة السعيدة.
ونظرا لهذه المكانة الخاصة والمتميزة التي يتمتع بها الرب "اوزيريس" فقد نشرت حوله العديد من الدراسات والبحث اهتمت بأصل ودور هذا الالاه. ندرج ما قاله كل من "باطس" و"كريفيت" في هذا الشأن حيث ذكر "اوريك باطس" ان "أوزيريس" معبود امازيغي النشأة والاصل إذ ان اسمه يعود للغة الامازيغية التي تحتوي على الجذور و"سار" التي تفيد "القديم والعتيق ". وقد اعتمد باطس في هذا الرأي على ما ذكره "بيتري Petrie" ان أوزيريس كان ربا لليبيا [ امازيغيا] .
أما "كريفيت Greffith" فقال ان أوزيريس رب نباتي وان دوره الأساسي كان في مجال الزراعة والنبات ويعطي أمثلة عديدة على أن روح الحيوي كانت سمى العجوز.

3 ـ الربـــة كـنت اوقدش:
تعتبر الربة كنت اوقدش سيدة الأرباب أجمعين، كانت ربة الحب والجمال وال؟؟ والقمر. وتصور في هيئة امرأة عارية تماما فوق أسد على رأسها هلال وقرص. في يدها اليمنى تمسك بزهور اللوتس وامرأة، وفي اليسرى حيتين. والملاحظ أنها تصور دائما مثل الرب "بس" وقد قيل انها شوهدت معروضات المتحف الروماني لوحة ترى فيها ه الربة التي تسمى "كـ ن ت Knt" تعني سيدة السماء. ومن الواضح أن تاء "كـ ن ن Knt" تاء التأنيث والكاف ذات النطق الأمازيغي هي نفسها فتصبح "كـ ن ت" من الجذر الأمازيغي "كن" ومنها أكنة أو أجنة التي تعني بالامازيغية الماء ثم السحاب.
كما أن الأمازيغ كانوا يعبدون آلهة قرطاج مثل "تانيت Tanite" ونغيرها من الآلهة القرطاجية الأصل وكانوا يعبدونها ويعتقدون أنها بربرية الأصل. وهي إلهة الإنتاج والخصوبة عند القرطاجيين ويرمز لها بسيدة ترضع طفلها وبمثلث الجسم واليدين ودائرة الرسم. كما أن البربر يهتمون بآلهة أنثى بدل الذكر كسائر المجتمعات التي تعطي أولوية خاصة بالمرأة في كيانها المجتمعي، مما يجعلها تصل إلى اتخاذها رمزا للقوة الكامنة في ظاهرة الإخصاب. كما تعرف الامازيغيون على وثنيات شرقية ويونانية ثم عرفوا الديانة اليهودية التي وصلت إليهم عبر الحبشة.

لا إله إلا الله محمد رسول الله................. والحمد لله