المماليك الأمازيغية
لم يهتم المؤرخون القدماء بشؤون المماليك الأمازيغية، إلا في إطار علاقتها بالصراع الروماني القرطاجي، لذلك فجل المؤرخين والمصادر التي تناولت موضوع المماليك تبقى أجنبية (إغريقية لاتينية) تفتقر في أغلب الأحيان إلى الموضوعية. حيث يعبر معظمها عن السياسة التوسعية لروما، أما الأدلة الأثرية فهي في حاجة إلى دراسة علمية أكثر دقة خاصة وان البحث الأثري، بدأ في شمال افريقيا خلال فترة الاستعمار الجديد. فهي في حاجة إلى دراسة علمية أكثر دقة خاصة وان البحث الأثري بدأ في شمال افريقيا خلال فترة الاستعمار الجديد الذي كان يسعى الى استعادة أمجاد الاستعمار القديم (الاستعمار الروماني) أما ظهور المماليك الأمازيغية، فكان أثناء الصراع الروماني القرطاجي، ابتداء من القرن الثالث قبل الميلاد. وقد استمر في الوجود طيلة قرنين ونصف من الزمان. حاولت خلاله توحيد منطقة شمال افريقيا لكن لسوء الحظ انتهت كل هذه المشاريع التوحيدية إلى الفشل بسبب أطماع روما، التي تشكل حاجزا أمام توحيد المنطقة واستغلالها. أما معلوماتنا عن أصل المماليك الامازيغية فتظل قليلة، باستثناء تلك التي تربط بالحروب البونية، ولتقريب الصورة عن هذا الأصل سنعمد على مجموعة من الأساطير والفرضيات. ففي أسطورة تأسيس قرطاجة مثلا، تشير بعض المؤلفات اللاتينية إلى أن كلا الملكين الامازيغيين وهما YARBAS و YOPHAS قد رغبا في الزواج بالأميرة الفنيقية "اليسا" ونتساءل هنا عن هذين الملكين هل كانوا فعلا ملوكا؟ أو زعماء قبائل؟ أما بخصوص النصوص المصرية القديمة فبعضها يخبرنا عن ملوك ليبيين خصوصا شرق ليبيا حيث تتحدث المصادر في القرن 5 ق.م عن ملك يدعى ADRICAN وهذا الاسم يشهد على وجوده هيرودوت، كما كان لبعض جهات نوميديا وموريطانيا ابتداء من القرن 4 ق.م. ويعتقد كل المؤرخون خاصة DIODORE الصقلي الذي ذكر أن الملك AILIMAS واعتبره مؤسس الملكة الماسيلية التي تبقى إليها ماسينيسا. لكن ابتداء من القرن 3ق.م أصبحت معالم هذه المماليك أكثر وضوحا، والمؤكد هو أن بلاد الليبيين لم تعرف من الناحية السياسية عاصمة قارة. ةلم تتح لها فرصة في تحقيق وحدة حقيقية تجمع تحت لوائها كل القبائل الليبية، وقد علل الباحثون ذلك بالتجزء الجغرافي، وعدم صلاحية الأنهار للملاحة وضيق المجالات الصالحة للزراعة. لكن مقتضيات وضروريات الحياة البدوية والفلاحية، والشعور بالحاجة إلى السلامة والأمن والطمأنينة هو الذي دعا إلى تكوين كتل بشرية أكبر وأوسع وأقوى، مما كانت عليه أي العائلة لتكون هذه الجماعات في مأمن من كل وهذه الكتل البشرية هي القبائل والخلايا التي تتكون منها القبيلة وهي العائلة. فالرعاة ينضمون إلى بعضهم للاشتراك في استعمال الأرض والكلي والمرعي. والمستقرون من الفلاحين يشيدون القرى والقلاع والأبراج لحفظ أموالهم المشتركة. ولمقاومة هجومات أعدائهم الألداء وهم الرحل من أهل البادية. ولصد غارتهم ودفع ضررهم فسكان هذه القرى، يكونون شبه جمهورية صغيرة خاضعة إلى حكم الجماعة. وعلى رأس الكبراء والمشاييخ لما لهم من حضوة وهيبة ووقار داخل القبائل. وهم يسيرون الأعمال، ويعاقبون العصاة المتمردين حسب قوانين عرفية. ونرى احيانا أحد القواد بما له من الحضوة والمال والقوة، نراه يجمع تحت سلطته ونفوذه قبائل كثيرة. فتلتحم قبيلة بتلك القبائل وتزداد قوة ويصبح هذا القائد "أكليد" أي ملك على رأس الجميع. ومن الراجح كما قال المؤرخون أن كثيرا من المماليك الأمازيغية قد نشأت على هذا الشكل منذ قديم الزمان.
1 ـ المماليــك الأمـــازيغية:
أ ـ المملكة الميزاسيلية:
تبقى المعلومات الخاصة بهذه المملكة ناقصة إذا لم تبدأ المصادر الادبية في تناول الحديث عنها الامم القرن 3 ق.م. ونخص بالذكر Polybe الذي تحدث عن هذه المملكة في كتابه "التاريخ" وفي هذه الكتابات تمت فقط الاشارة الى اسم هذه المملكة "مزاسيل" دون التطرق الى موطنها وحدودها.
ولفظ مزاسيل نجده مذكورا في المصادر القديمة، ابتداء من القرن 2 ق.م. أطلق اللفظ على قبيلة او اتحاد قبلي وقد تكررت اشارة المؤرخين عن هذه المملكة في نهاية القرن 3 ق.م إبان الحروب البونية الثانية. إذ استحوذت عنها المصادر كواقع سياسي قائم وفاعل في إحداث المنطقة، دون الإشارة إلى تاريخ قيامها لكن ذكرت أنها مملكة قائمة بذاتها لها ملك وإدارة. وأما عن حدود هذه المملكة فهي تمتد من نهر ملوية غربا، ويحدها شرقا رأس بوقرعون بشمال سرتا وهو الحد بين مازسيلية وماسيلة وكانت لها عاصمتان هما سيكا Siga وسرتا Sirta وهي مدينة قسطينة اليوم.
وكان الملك "سيفاكس" Syphax ينتقل من الواحدة إلى الأخرى. وكانت "سرتا" تمتاز بموقعها الاستراتيجي لوجودها فوق مكان مرتفع تحيط به منحدرات وعرة وهاوية ويسيل في سفحها واد الرمل الشيء الذي يجعلها في حصن منيع من كل الغارات والهجومات .
وكانت تلك الربوع في جهتها المجاورة لموريتانيا على غاية من الخصب وصالحة للزراعة خصوصا زراعة الحبوب أكثر من نوميديا الشرقية حتى أنها أثارت انتباه الجغرافي اليوناني الكبير "سترابون" Strabon، إذا كان من الممكن الحصول على صابتين في العام الواحد. لاسيما وان ساكنتها كانت تمتاز بحيوية لا تنضب، مما وفر الركائز الأساسية لتأسيس مملكة لها وزنها في الشمال الإفريقي.
ويعتبر سيفاكس Syphax اكبر "أكليد" عرفه التاريخ بنوميديا الغربية وكانت له شخصية لامعة. كما تحدث عنه المؤرخون القدماء كثيرا أثناء الحروب البونية دون ان يقدموا الكثير عن نشأته وبدايته، إذ نكاد نجهل كل شيء عن حياته كشخص او ملك باستثناء ما اكده Polybe عن زواجه بفتاة قرطاجية من عائلة ارستقراطية ابنة القائد القرطاجي Asdrubal. وحسب بوليب كان لها تأثير واضح في قرارات الملك السياسية. اما أحفاده لم يذكر التاريخ الا اسم ابنه الامير Wermina "فيرمينا" الذي عاش بضع سنوات على وفاة والده. ولسنا نعرف هل أن ابنه هذا الذي كان يشارك أباه في الحكم أمكن له ان يظفر بفتاة من هذه المملكة جهة الغرب . ومما يؤكد ذلك هو العثور على قطعة نقدية فضية تحمل اسمه. عموةما قد ظهر "سفاكي" كقوة عسكرية وظهرت مملكته كواقع سياسي قائم بذاته، ساهم في تغيير مجرى الاحداث في حوض البحر الابيض المتوسط من خلال المشاركة في الحرب البونية الثانية بعد عدة محاولات لكل من قرطاج وروما المتحاربتان في استمالته الى صفهما وكسب دعمه.
طبيعة الحكم بالمملكة الميزاسيلية:
تبقى طبيعة الحكم في هذه المملكة منعدمة وغير واضحة فليست هناك معلومات دقيقة وكافية، للحسم في هذه النقطة، لكن مع ذلك يمكن القول أن هذا النظام الملكي يعتمد على أسس عسكرية كان فيه للملك سلطة مطلق. ودراسة نقود ضربت في عهد "سيفاكس" تساعدنا على تأكيد هذا الاحتمال. أي السلطة العسكرية، حيث يلاحظ من خلال هذه الصور المنقوشة هناك ما يدل على انتقال "سيفاكس" من مجرد زعيم قبيلة تغلبت على قبائل أخرى إلى ملك ذو سلطة واسعة تظهر جليا في حمله التاج وتنظيمه الجيش، وضربه للعملة باسمه. وقد اقتبس هيئة الملوك المعاصرين ومنفتح على العالم الخارجي، وعلى كل ما يجري حوله مدمجا بذلك مملكة في علاقات مع المماليك القوية الأخرى. والأكثر من هذا فقد اقتبس "سفاكي" أساليب الإدارة والحكم من الملوك الهلستينيين والقرطاجيين والرومانيين، في تنظيم وتسيير شؤون الدولة. ولو أن هذا التنظيم الممتاز بنوع من التعقيد حسب ضرورة كل جهة منها. فهناك الملك في العاصمة وبجانبه مجموعة من المساعدين والمستشارين من رؤوس القبائل وبعض أفراد العائلة، إضافة إلى وجود ممثلين عنه كحكام في الأقاليم البعيدة عن العاصمة المركزية. أما المدن الساحلية المسترجعة من السيطرة القرطاجية فكان لها استقلال ذاتي أو شبه ذاتي تسير من طرف مجلس بلدية يعين فيها الملك نائبا عنه. فكان من الطبيعي أن تحتفظ تلك المدن ببقايا من التنظيم الإداري القرطاجي، كما كانت هناك جهات في هذه المملكة لها إدارات خاصة نظرا لوضعها العسكري والاستراتيجي خصوصا أراضي غرب المملكة الماسيلية التي تسيطر عليها "سفاكس" بعد وفاة ملكها GAIA الذي كان قد تحالف مع الرومان ضد قرطاج. مما جعل "سفاكس" يقيم نظام عسكري بهذه الجهة لضمان امن مملكته. ولعل هذا التعقيد في الإدارة المازيسيلية كان يخفي وراءه عوامل التفكك السريع لهذه المملكة، أي وجود زعماء قبائل ذوي النفوذ الواسع في قبائلهم ووجود إمارات أو مدن شبه مستقلة وأخرى، ثم إخضاعها بالقوة ولا يطمئن لولائها. مما جعل المملكة تنهار وتتلاشى بمجرد وفاة الملك "سفاكس".
المملكة الماسيلية:
في الحقيقة نكاد نجهل كل شيء عن بداية هذه المملكة فيما تأسيسها. مجالها الجغرافي وكذلك ساكنتها... إلا ان هناك تيار من المؤرخين يقول على ان هذه المملكة اتحاد قبلي يقطنون شرق نوميديا وظهرت حسب المؤرخين القدماء مع الحرب البونية الثانية. أما عن حدودها الجغرافية تبقى غامضة وغير واضحة. إلا أن اغلب المؤرخين يقولون أن امتدادها من شرق الجزائر على حدود جبال الاوراس وتشمل جزءا من غرب تونس حاليا وأجزاء مهمة مجردة، وطبعا هنا عدة إشارات تدل على قيام المملكة قبل القرن 3 ق.م، حيث تاريخ بداية اهتمام المؤرخين بالمماليك الأمازيغية من قطع نقدية وكتابات منقوشة وأخرى أركيولوجية ممثلة في ضريح عثر عليه قرب القسطنطينة بالجزائر. ويعتقد انه يرجع الى نهاية القرن 4 ق.م. وتبقى الاشارة الى ان "نرافاس NARVAS زعيم ليبي من هذه الجهة استعان به القائد القرطاجي "هميلكار بركة HAMILKAR BARACA" في الحرب البونية. وأيضا في القضاء على ثورة المرتزقة ضد قرطاج بين سنتي (241-238 ق.م) مقابل تزويجه ابنته، ولا نعرف ما إذا كان هذا الزعيم الليبي كان ملك أم لا وكذا حجم مملكته ونفوذه؟ .
عموما فمعالم المملكة الماسيلية اتضحت وأصبحت جلية وواضحة إبان الحرب البونية الثانية. وكانت أقل مساحة من نظيراتها الغربية يحدها شرق التراب البونيقي غربا ورأس بوقرعون.
وكان "غايا GAIA" ملك هذه المملكة واتخذ من مدينة "سرتا" عاصمة له الى ان احتلها "سفاكس" وضمها نظرا لموقعها الجغرافي الممتاز في قلب نوميديا الكبرى وعلى مشارف نهر AMPZAGA (الواد الكبير) وتتوفر هذه المملكة على مراكز حضارية متعددة أكثر من مملكة "سفاكس". ومن أبرز هذه المدن والمراكز نذكر : Cirta سرتا ودوكة Dougga المتميزة بأراضيها الخصبة Tellessa وكان قائدها Gaia لكن تبقى ودوكة من أقدم واهم المراكز إذ يعود تاريخها على الأقل إلى نهاية القرن 4 ق.م وقد عثر فيها اسم والد Gaia وهو zilalasan ذكر فيها على أن Gaia هذا لم يكن ملك بل كان شوفيكا أو قاضيا فقط. وقد تقرر هذا أيضا بالاعتماد على فكرة عدم العثور على نقود تحمل اسمه كما هو الشان لابنه ماسينيسا. اما بالنسبة لعاصمة المملكة فقد ظلت Cirta سرتا الى ان احتلها "سيفاكس". وبعد تتويج ماسينسا ملكا على الماسيليين شارك في الحرب البونية الثانية، التي أبلى فيها البلاء الحسن بجانب "سيبيون Scipion" وحارب "سفاكس" ملك نوميديا الغربية فانتصر عليه واستولى على أراضيه لتتوسع بذلك حدود مملكته ويمتد حكمه من أقصى خليج السرت الكبرى إلى حدود موريتانيا (نهر ملوية) ، وقد اضطر "ماسيتيسا" إلى التجوال المستمر في رقعة مملكته رفقة جيوشه نظرا لشساعة هذه المملكة وكذلك لمواصلة مساعديه الدبلوماسية بتفوق ونجاح.
طبيعة الحكم بالمملكة الماسيلية:
فيما يخص تنظيم المملكة الماليسية فقد كان ماسينيسا نموذجا من النماذج الامازيغية القديمة كما وصفناها أثناء حديثنا عن "سيفاكس" إذ حاول هو أيضا أن ينظم مملكته على النمط الإغريقي المقدوني. فلبس التاج وحمل الصولجان حسب ما يظهر في النقود البرونزية والنحاسية الخاصة به في سن الأربعين أو الخمسين. وكان "ماسينيسا" يحافظ على تماسك أطراف مملكته بالوسائل السياسية التقليدية أي المصاهرات والتعاهد مع زعماء القبائل وإيقاظ المشاعر الدينية، وبالحرب عند الضرورة. فاستطاع بذلك أن يحيي الجبايات وان يفرض على رعاياه الخدمة العسكرية، على غرار ما هو عند جميع الأمم ذات البنى الاجتماعي القبلي .
وكان "ماسينسا" ذا شخصية قوية. وقد قتام بعدة أعمال لم يسبقه بها احد. ومنها القيام بعدة إصلاحات وقد كان أكد عدة مؤرخون انه هو الذي زاد الإنتاج الزراعي في نوميديا زيادة كبيرة بحيث وجد فائض للتصدير حتى وان طلب تربية الماشية سائدة. وأتيت "سترابون Strabon" انه مدن المدن، وحبب إليهم خدمة الأرض وشجعهم على إحيائها وزراعة القمح والشعير مثل البونيقيين مهيأ بذلك قصد ازدهار افريقيا الرومانية .
كانت تلك الاراضي النوميدية قحطا وغير صالحة لا تجدي نفعا ولا تاتي بفائدة وكانت تعتبر غير قادرة بطبيعتها على إعطاء شيء من المنتجات الفلاحية. فكان "ماسينيسا" اول واحد بل كان الرجل الوحيد الذي اظهر ان نوميديا قادرة على اعطاء جميع تلك المنتجات مثلما تعطيه أية منطقة اخرى. وهذه أبلغ شهادة اضافة الى ما قاله "سترابون" مع أن "ماسينيسا" كان العامل الحقيقي والمتسبب في تطور اقتصاد نوميديا وفي نموها وازدهارها. كما أنشأ "ماسينسا" أسطولا حربيا واسطولا تجاريا مع فتح أبواب مملكته للتجار اليونانيين. لقد كان لـماسينيسا" مشرعا وحلما يريد تحقيقه، وهو توحيد المنطقة أي انشاء مملكة نوميديا موحدة ومستقلة عن أي نفوذ اجنبي. لكن هذا المشروع التوحيدي قد انتابه الفشل نظرا لعدة عوائق حالت دون تحقيقه، وهو توحيد المنطقة أي إنشاء مملكة نوميديا موحدة ومستقلة عن أي نفوذ اجنبي. لكن هذا المشروع التوحيدي قد انتابه الفشل نظرا لعدة عوائق حالة دون تحقيقه. وكذلك حالت دون إحداث هياكل إدارية محكمة لمملكته، ورغم كل هذا فيبقى "ماسينيسا" نموذج حقيقي للملوك الامازيغيين القدماء. وبقاء على عرش مملكة مدة طويلة ما يقارب 60 سنة من 206 الى 148 ق.م لا خير دليل على نجاحه وقوته.
الممـــلكــــــة الصــــوريـــــة:
أشار علماء التاريخ القديم الى وجود مملكة صورية مباشرة بعد نهاية القرن الرابع قبل الميلاد دون أن يحدد اسماء الملوك ولا الحدود الترابية لهذه المملكة الامازيغية، كما هو الشأن بالنسبة للمماليك الامازيغية الاخرى. وبالفعل فقد روى المؤرخ "جوستان Joustan" بتفصيل الخطوات التي قام بهها الرحالة القرطاجي "حانون" لدى أحد الملوك الموريين الذين كانوا يرغبون في اغتصاب حكم القرطاجيين. وقد كان المؤرخ "تيت ليفي Titelive". هو اول من ذكر اسم "باجةBaga" في قوله يعتقد ان الملك النوميدي "ماسينيساط عندما كان عائدا من اسبانيا الى مملكته، تلقى من حليفه الملك "باجة" كوكبة من الحراس مؤلفة من الجنود لحراسته طوال اجتيازه لتراب حصمه ومنافسه "سيفاكس" ملك مازسيولة. وكان يجب أن يصر قرن آخر، قبل أن يتردد اسم مماليك الموريين من جديد بمناسبة قيام الحرب بين روما والملك النوميدي يوغرطة عند نهاية القرن 2 ق.م. وقد كان المؤرخ "سالوست" هو من أعطى مجموعة من المعلومات حول هذه المملكة وفيما يتعلق بحدود ومساحة هذه المملكة وكتنت موريتانيا تعني المغرب الاقصى حاليا. وقد حصر علماء التاريخ القديم حدودها فيما بين اعمدة هرقل شمالا ونهر ملوية شرقا والمحيط الاطلسي غربا. وقد كتن يحكمها "باجة Baga" لكننا نجهل ما إذا كان "باجة" هو مؤسس هذه المملكة اولا؟ او ورثها عن ملك سابق؟ والواقع ان حدود هذه المملكة لم تكن تابثة في فترات تاريخية معينة حيث تغيرت من جهة الشرق عندما ساعد بوخوس الملك الروماني سيلا في إلقاء القبض على يوغرطة سنة 105 ق.م مقابل منحه جزءا كبيرا من جهة الشرق. هذا الأخير لتتسع به أراضيه شرقا لى الوادي الكبير الذي يمر من مدينة سرتا بما في ذلك عاصمة يوغرطة "سيكا". عموما فقد ورث عرش الملك "باجة" أسره يوخوس التي لا تعرف أهي من سلالة أو لا؟ لن الحقبة التي تفصل عهد "باجة" عن بوخوس الأول تقارب القرن، ولا يعرف شيء عما حدث فيها. وحتى بالنسبة للتنظيم السياسي والإداري للملكة، فلا تتوفر على معلومات دقيقة ومضبوطة عنه لقلة المصادر. لكن هناك مؤرخين معاصرين يعتقدون أن الملك (بوخوس) كان ينتقل بين عواصم متعددة وانه بدون شك استولى على سيكا الماسيلية. وقد كانت مملكته تحتضن مجموعة من المراكز الحضرية نخص منها بالذكر : طنجة وتامودا ووليلي.
نظام الحكم بالمملكة المورية:
كانت الدولة طيلة مدة حكم "بوخوس" تبدو منظمة ومتدرجة. فعلى رأسها كان يوجد الملك الذي كانت أعباءه تنتقل حتما بالوراثة. وكان ذا سلطة مطلقة، فهو القائد الأعلى للجيش، والرئيس المطلق للدبلوماسية. وكان يمارس سلطته المطلقة في حدود قدراته العسكرية، وفي حدود التعامل مع العصبيات القبلية. ويساعده في تسيير أمور البلاد هيأة من المستشارين تتألف من الأقارب والأصدقاء وزعماء القبائل. وكان له ديوان للكتابة ولتدبير شؤون الجيش، وعلى ذكر الجيش فقد يتكون من الجنود المدرعين، والفرسان الموريين ومن أبناء بعض العشائر الأخرى البربرية "Les cruteles" ويقوم بإلحاق هؤلاء بالجيش جهاز من الموظفين. وكان ابنه الوحيد "فولكس Volux" عضده الأيمن في العمليات الحربية .
وكان لبوخوس سفراء تتكون من خمسة أعضاء يساعدونه في الاتصالات الخارجية ومع روما خاصة. وكانت له دار سكة. وقد كان للمجلس المحاط بهذا الملك والذي قلنا سابقا انه يتكون من أصدقائه وحاشيته، تأثير كبير في استصدار القرارات الملكية. وقد أوجدت هذا الاعتقاد الاتصالات التي أجراها "يوغرطة" بهؤلاء قبل أن يعرض عمله على الملك ليضمهم إلى رأيه. أما المدن الساحلية والتي كانت قديما مستعمرات قرطاجية فقد كانت تتوفر على حكومة ذات استقلال داخلي يسيرها أمير خاضع لبخوس، والمدن الداخلية الهامة كوليلي. فقد كانت تتمتع بتنظيم بلدي يوجد على رأسه احد الأسباط أو الأشخاص "Soffétés"، كما يشهد بذلك النصب الشكاري المغربي المشهور الموجود بهذه المدينة .
وفي ما يتعلق بمصير المملكة المورية من الناحية السياسية بعد وفاة "بوخوس II" وقسم غربي احتفظ به بوغود لتستمر حدة الصراعات بين حكام موريتانيا والتي كانت لروما اليد الطويلة في تأجيجها وينتهي الأمر بضم المنطقة برمتها في إطار حكم مباشر لمجلس شيوخها.
:bounce: :bounce: :bounce: :bounce:
منقول ............ نرجو الإفادة للزوار والأعضاء أو ناس بابار