العلم لا يرقى إلا بالأخلاق، فالعلم سر نهضة الأمم والأخلاق مقياس لرقيها ورفعة شأنها، والعلم وحده لا يصنع الإنسان الكامل السعيد إن لم يرافقه أخلاق وقيم، وإلا سيضيع العلم والإنسان في حرب مدمرة قد تكون نتائجها كارثية..
وهنا سنستعرض في هذا المقال أكثر 10 أفكار ومشاريع علمية جنوناً في العالم، كادت أن تغير من مجرى التاريخ نحو الهاوية.
مشروع التحكم بالأعاصير Project Cirrus
إياك أن تتدخل بالطبيعة!، لم يفهم هذه المقولة علماء أمريكا عام 1947 عندما أرادوا تجريب مشروعهم المعني بالتحكم في وجهة الأعاصير، وذلك بالتعاون مع شركة جنرال إلكتريك وسلاح الإشارة في الجيش الأمريكي ومكتب البحوث البحرية والقوات الجوية الأمريكية..
فعندما ضرب إعصار كبير غرب البلاد وبدأ يتوجه إلى شرقها، حلقت طائرة محملة بقطع الجليد الجاف فوق هذا الإعصار وقامت بإلقاء هذه القطع بهدف تغيير مسار الإعصار، وبالفعل انعطف الإعصار بشكل مفاجئ عن مساره وذهب باتجاه مدينة جورجيا مما أسفر عن مقتل اثنين وترك أكثر من 1400 شخص بلا مأوى، دفع هؤلاء الأشخاص ثمن جنون دولتهم في ذلك الوقت.
سلاح الفطريات الفتاكة Magnaporthe grisea
يعتبر فطر Magnaporthe grisea من أخطر أنواع الفطور التي تسبب الأذى للمحصولين الأكثر أهمية على الإطلاق الأرز والقمح..
وباعتباره سريع العدوى والإنتشار بين المحاصيل قررت الولايات المتحدة الأمريكية استغلاله واستخدامه كسلاح ضد أعدائها بهدف القضاء على محاصيلهم وتجويعهم وإجبارهم على الإستسلام، لحسن الحظ تراجعت أمريكا عن هذه الفكرة التي كانت من الممكن أن تهدد الأمن الغذائي العالمي في حال تطبيقها.
سلاح الطاعون المميت Weaponized Plague
كان الطاعون من أسوأ الكوابيس في تاريخ البشرية، فقد قتلت هذه الأوبئة المخيفة ما يقارب نصف سكان أوروبا في القرن الرابع عشر، ولهذا عمد الإتحاد السوفيتي إلى استغلال هذا المرض واستخدامه في الحرب.
ففي عام 1992 كشفت الوثائق عن وجود لبرنامج تطوير أسلحة بيولوجية تابع للسوفييت ويتضمن داء الطاعون وغيره من الأمراض كالجمرة الخبيثة، ولكن انهيار الاتحاد السوفييتي أدى إلى إغلاق هذا البرنامج المخيف.
مشروع سيل Project Seal
خلال الحرب العالمية الثانية قامت نيوزيلندا بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء برنامج سري لسلاح استراتيجي خطير أطلقوا عليه اسم سيل “Project Seal” ، وكان الهدف من هذا البرنامج هو إنشاء تسونامي اصطناعي على شواطئ أعدائهم عن طريق تفجير قنبلة تحت الماء.
وبعد عام واحد من التجارب انسحبت الولايات المتحدة من هذا المشروع وتركت نيوزيلندا تقوم بالأبحاث لوحدها، وبعد خمس سنوات من البحث والتجارب وتفجير أكثر من 3500 قنبلة قبالة سواحل أوكلاندا فشل هذا المشروع وتم إلغاؤه إذ أن الإنفجارات لم تكن قوية بما يكفي لإحداث تسونامي، نحمد الله أن الإنفجارات لم تكن قوية كفاية.
الأسلحة التكتونية Tectonic Weapons
بالرغم من توقيع الاتحاد السوفيتي لاتفاقية حظر التدخل أو التلاعب بالطبيعة في الأغراض العسكرية، قام السوفييت بتطوير سلاح نووي قادر على إحداث زعزعة في الصفائح التكتونية التي تتكون منها القشرة الأرضية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إحداث زلزال اصطناعي في على سطح الأرض..
هناك العديد من الوثائق التي تثبت تورط السوفييت بهذا المشروع وقيامهم بتجارب عديدة، ولكن السوفييت لطالما نفوا تورطهم بالموضوع.
الجندي النصف قرد Superhuman Army
عندما أصبح ستالين زعيماً للإتحاد السوفييتي كانت لديه خطط كبيرة وأفكار مجنونة حول جيشه، كانت إحداها برنامج لتطوير جنود نصف بشر ونصف قردة وذلك بالاستعانة بالطبيب البيطري إيليا إيفانوفيتش ايفانوف “Ilya Ivanovich Ivanov” الذي حاول إخصاب أنثى شمبانزي بنطفة بشرية بهدف إنتاج نسل يجمع بين ذكاء الإنسان وقوة القردة، في النهاية باءت التجربة بالفشل وتم إلغاء المشروع، ماذا كنا لنرى لو نجحت هذه التجربة !!؟؟
بكتيريا تتغذى على النفط pseudomonas
في سبعينيات القرن الماضي كان العلماء يواجهون كارثة بيئية واقتصادية ناشئة عن تسرب النفط من ناقلاته، وكانت بقع النفط المتشكلة من التسرب تطفو على سطح المياه وتشكل خطراً على حياة الكائنات البحرية، ولكن فريق من علماء شركة جنرال إلكتريك General Electric بقيادة أناندا شاكرابارتي Ananda Chakrabarty..
اكتشفوا أنواع من البكتيريا تتغذى على النفط الخام أطلقوا عليها اسم ” pseudomonas “، ولهذا قرروا استخدام هذه البكتيريا في تنظيف بقع النفط الناتجة عن التسرب، وبالفعل نجحت هذه التقنية البيولوجية بشكل فعال وتمكنت من حل المشكلة، ولكن المخاوف تبقى من استخدام هذه البكتيريا كسلاح استراتيجي لضرب احتياطيات النفط عند أعداء الولايات المتحدة الأمريكية.
الضربة الكهرومغناطيسية Starfish
لا تقتصر أضرار القنبلة النووية على الكائنات الحية وحسب، إذ أن الأشعة الكهرومغناطيسية الناتجة عنها تؤثر في مسافات بعيدة جداً عن مركز القنبلة متجاوزة نطاق التدمير الفعلي بأضعاف كثيرة، وتقوم بتعطيل جميع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي تطولها.
ولذلك عمدت الولايات المتحدة الأمريكية إلى استغلال هذه الخاصية تحسباً من أي هجوم نووي سوفييتي، بحيث يتم تعطيل الدارات الإلكترونية للصواريخ السوفييتية فور إطلاقها، وفي عام 1962 قامت الولايات المتحدة بعملية تجريبية اسمتها نجم البحر “Starfish” وتم تفجير قنبلة هيدروجينية على بعد أكثر من 2000 كيلو متر من مدينة هاواي عالياً في السماء..
أشعل الإنفجار سماء هاواي مثل شروق الشمس وأدى إلى عطب ما يقارب ثلث الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، وكانت النتائج كافية لإقناع الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بالإقلاع عن اختبار التفجيرات النووية عن علو مرتفع.
السلاح الشمسي The Sun Gun
وصل جنون العظمة لدى النازيين إلى جعلهم يفكرون بابتكار سلاح مداري معلق بالسماء جاهز للاستخدام متى أرادوا، وكان اقتراح العالم الألماني هيرمان أوبرث Hermann Oberth في استغلال أشعة الشمس المحرقة وإنشاء محطة فضاء تحوي عدسة مقعرة ضخمة تستخدم لتركيز أشعة الشمس على نقطة واحدة من سطح الأرض..
الأمر الذي كان ليمكنهم من إحراق مدن العدو وحتى جعل مياه البحار تغلي، ولكن هزيمة النازيين حالت دون إنشاء مثل هذا السلاح الذي قد يهدد حياة البشرية.
تدمير القمر Project A119
خلال السنوات الأولى من مرحلة السباق إلى الفضاء التي أظهرت انتصارات متتالية للسوفيت، قفز سلاح الجو الأميركي بشكل غير متوقع إلى استنتاج مفاده أن أفضل طريقة لإظهار الهيمنة في الفضاء كانت بقصف القمر بالأسلحة النووية..
أطلق على مشروع هذه الفكرة اسم ” Project A119″ وأراد سلاح الجو الأمريكي تفجير الجانب المظلم من القمر لجعل سحابة الفطر المتشكلة من التفجير مرئية من الأرض، الحمد لله تم إلغاء المشروع خوفاً من عواقب تدمير جزء من القمر، ولعلهم أدركوا معنى أن يتلاعب المرء بالطبيعة.
كل ما تقدمنا به من مشاريع ومخططات مجنونة تم كشفها وفضحها أمام أعين الناس، والتخوف الحقيقي يبقى في ما لم يتم الكشف عنه بعد، ومع تقدم العلم والتكنولوجيا بشكل متسارع مصحوبة بانهيار أخلاقي عام وسريع الإنتشار في العالم، قد يكشف لنا المستقبل عن مشاريع أكثر جنوناً وأشد بأساً وخطورة.