*إذا وقعت الجريمة و أحدثت ضرر للغير،فإن هذا الأخير من المستحيل أن يضيع
حقه سدا،إذ بمجرد وقوع هذه الجريمة تنشأ عنها دعويان ،دعوى عمومية
ترفعها النيابة العامة بإعتبارها ممثلة للجماعة تهدف إلى توقيع العقاب على
مرتكب الجريمة بغية صيانة حق المجتمع و هذا ما تناولناه في البحث الاول ،
ودعوى أخرى مدنية يرفعها المضرور نتيجة الضرر الذي أصابه شخصيا من
وقوع هذه الجريمة من أجل جبر الضرر عن طريق الحصول علىتعويض،و
الأصل أن ترفع هذه الدعوى(المدنية التبعية) أمام القضاء المدني بإعتباره
صاحب الولاية الأصيل في النظر فيها،غير أن غالبية التشريعات الجزائية و منها
التشريع الجزائري خول مهمة رفعها أمام القضاء الجنائي’ و هذا نظرا لما تتميز
به الدعوى المدنية بتبعيتها للدعوى العمومية من حيث المنشأ الواحد ألا و هو الجريمة.
و سنتناول في هذا البحث أحكام الدعوىالمدنية التبعية عن طريق طرح الإشكال التالي:
*ماهو الإجراء المناسب الذي يتبعه المضرور من أجل المطالبة بإستفاء حقه نتيجة الضرر الذي أصابه؟
سنجيب على هذه الإشكالية وفقا للخطة التالية المقسمة إلى ثلاث مباحث
*المبحث الأول:التعريف بالدعوى المدنية التبعية
إن الضرر الذي يصيب الشخص المضرور يمكنه من اللجوء إلى الجهة القضائية المختصة من أجل
المطالبة بجبر الضرر عن طريق الدعوى المدنية التبعية و التي سنتناولها في المطلب الأول من هذا
المبحث،أما المطلب الثاني فهو يتعلق بتحديد المقصود من تبعية الدعوى المدنية.
*المطلب الأول:تعريف الدعوى المدنية التبعية
سنتناول في هذا المطلب تحديد مقصود الدعوى المدنية التبعية، و كذلك تميزها عن الدعوى الأخرى.
*الفرع الأول:المقصود بالدعوى المدنية التبعية
تعرف الدعوى المدنية التبعية بأنها مطالبة من لحقه ضرر من الجريمة وهو المدعي المدني من الطرف
المسبب للضرر أمام القضاء الجنائي بجبر الضرر الذي أصابه نتيجة إرتكاب هذا الأخير للجريمة حسب
المادة 2/1 من قانون إ ج"يتعلق الحق في الدعوى المدنية للمطالبة بتعويض الضرر الناجم عن جناية أو
جنحة أو مخالفة بكل من أصابهم شخصيا ضرر مباشرتسبب عن الجريمة."
*الفرع الثاني:تميز الدعوى المدنية التبعية عن الدعاوى الأخرى
إن الدعوى المدنية الناشئة عن فعل غير إجرامي،أو الدعاوى ذات المنشأ الإجرامي و التي لا يكون
موضوعها التعويض عن الضرر،غير مشمولة بالتعريف السابق كدعوى التطليق الناشئة عن جريمة الزنا
م339قانون ع ج ،و دعوى الحرمان من الإرث الناتجة عن جريمة قتل المورث حسب م 254ق ع ج
،ودعوى النفقة الناشئة عن دعوى إهمال الأسرة م 330 ق ع ج ،كون أن الهدف من هذه الدعاوى لا
يستهدف الحصول على التعويض المدني لجبرالضرر، و بتالي ليست دعاوى مدنية تبعية، وبتالي عدم
إختصاص القضاء الجنائي بها رغم منشئها الإجرامي،فيختص بها القضاء المدني،إذن القضاء الجنائي
يعتبر قضاءا إستثنائيا يختص بالنظر في المسائل المدنية المتعلقة بالمطالبة بالتعويض لجبر الضرر(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله،شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري،الطبعة السادسة،دار هومة للنشر و التوزيع،الجزائر 2006،ص ص 141-142
*المطلب الثاني:المقصود بتبعية الدعوى المدنية
حسب م 3/1 ق إ ج"يجوز مباشرة الدعوى المدنية مع الدعوى العامة في وقت واحد أمام الجهة القضائية
نفسها" و كذلك حسب م 4 من ق إ ج"يجوز أيضا مباشرة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى
العمومية،غير أنه يتعين أن ترجئ المحكمة المدنية الحكم في تلك الدعوى المرفوعة أمامها لحين الفصل
نهائيا في الدعوى العمومية إذا كانت قد حركت"
-إن الدعوى المدنية التبعية تتبع الدعوى العمومية من حيث الإجراءات و من حيث المصير كما يلي:(1)
*الفرع الأول:من حيث الإجراءات
أي خضوع الدعوى المدنية التبعية لقانون الإجراءات الجزائية و ليس لقانون الإجراءات المدنية،أي
إختصاص القضاء الجنائي بالنظر فيها ،و سريان قواعد قانون الإجراءات الجزائية عليها.فمثلا:أن القضاء
الجنائي ينظر في الدعاوى المدنية التبعية بغض النظر عن قيمة التعويض المطالب به، متى كانت مبنية
على وقوع الضرر بسبب جريمة ما، وكذلك حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني.
*الفرع الثاني:من حيث المصير
يعني ذلك أن الجهة الجزائية في حالة رفع الدعويين العمومية و المدنية التبعية أمامها يجب عليها الفصل
في الدعويين معا بحكم واحد حسب م 316/1 ق إ ج ج"بعد أن تفصل المحكمة في الدعوى العمومية
تفصل دون إشتراك المحلفين في طلبات التعويض المدني المقدمة من المدعي المدني ضد المتهم أو من
المتهم المحكوم ببرائته ضد المدعي المدني و تسمع أقوال النيابة العامة أو أطراف الدعوى"
و تنص الفقرة 2 و3 من المادة نفسها"و يجوز للمدعي المدني في حالة البراءة كما في حالة الإعفاء أن
يطلب تعويض الضرر الناشئ عن خطأ المتهم الذي يخلص من وقائع موضوع الإتهام، ويفصل في
الحقوق المدنية بقرار مسبب"، وتنص م 357/2 ق إج" و تحكم عند الإقتضاء في الدعوى المدنية و لها
أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة"(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)خوري عمر،شرح قانون الإجراءات الجزائية، دون طبعة،جامعة الجزائر،2007/2008،ص ص30-31
(2) أوهايبية عبد الله،المرجع السابق،ص ص143-144
إذا حكمت المحكمة بالبراءة يجوز لها
أن تقضي في طلبات المتهم بتعويضه مدنيا، إذا كانت التبرئة راجعة لعدم نسبة الخطأ الجنائي للمتهم أو
عدم قبول الدعوى، أما إذا كانت التبرئة راجعة لوجود عذر مانع من المسؤولية الجنائية،فيعفى من العقاب
أوالمسؤولية الجنائية ، و لكن للمحكمة حق القضاء عليه بالمسؤولية المدنية إذا ثبت في حقه الخطأ حسب
المادتين السابقتين
.
إلا أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية لا يفقدها طبيعتها الخاصة و هي تتعلق بالحق
المدني،فتخضع لقواعد و أحكام القانون المدني في كل من التقادم و التنازل عنها.كما أن تبعية الدعوى
المدنية للدعوى العمومية لا يقصد بها أن تنقضي الدعويان للإرتباط الأولى بالثانية، إذ يمكن أن تنقضي
الدعوى العمومية وحدها أمام القضاء الجنائي، و تظل الدعوى المدنية قائمة أمامه فينظرها، حيث يجوز لكل من
المدعي و المتهم الطعن في الشق المدني وحده الصادر من المحكمة الجنائية.(1)
*المبحث الثاني:عناصر الدعوى المدية التبعية
حتى تقوم الدعوى المدنية التبعية لا بد أن تقوم فيها مجموعة من العناصر تكمن في كل من السبب(المطلب
الأول)،الموضوع(المطلب الثاني)،الأطراف أو الخصوم(المطلب الثالث)
*المطلب الأول:سبب الدعوى المدنية التبعية
يتمثل سبب الدعوى المدنية التبعية في ذلك الضرر الذي أصاب المدعي المدني من جراء الجريمة
المرتكبة، ومن هنا نلاحظ أن السبب يتكون من ثلاث عناصر هي:الجريمة،الضرر، و اخيرا العلاقة السببية
الرابطة بين الجريمة و الضرر.
*الفرع الأول:الجريمة
الدعوى المدنية بمعناها الضيق تختلف عن دعوى التعويض لأن الأولى لا تنشأ إلآ عن فعل يعد جريمة،
أي توافرفيه الأركان الثلاث للجريمة(الشرعي،المادي، المعنوي)(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله، المرجع السابق،ص 143-144
(2) خوري عمر، المرجع السابق، ص31
،في حين أن الثانية يمكن أن تنشأعن
فعل ضار كما يسمونه أحيانا بشبه جريمة،كما أن دعوى التعويض لا تقام إلا أمام المحكمة المدنية
فقط،فإذا أقيمت أمام المحكمة الجنائية مؤسسة علىفعل ضار، وجب الحكم بعدم الإختصاص،لا الحكم
برفض الدعوى المدنية، و إذا أقيمت الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية عن جريمة فيجوز الحكم
بالتعويض حتى عند البراءة كما يجوز الحكم برفض دعوى التعويض لإنتفاء الضرر حتى و لو حكم بالإدانة(1)
*الفرع الثاني:الضرر
أي أن ينشأ عن الجريمة ضرر،و الضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص المضرور في حق من حقوقه
الشخصية أو المالية,أو في مصلحة يحميها القانون(2).و يشترط في الضرر الشروط التالية:
*-أن يكون محققا: أي يجب أن يكون الضرر محققا لا محتمل الوقوع، و الضرر المحقق هو الذي يكون نتيجة
لازمة للجريمة أو حسب السير العادي للأمور، و قد يحكم بالتعويض للضررمستقبلي و لكن محقق
الوقوع،كعاهة مستديمة لم تتحقق كل أضرارها بعد.
*-أن يكون الضرر شخصيا:الأصل أن الشخص المضرور و حده له الحق في المطالبة بالتعويض، وليس لأحد
أن يطلب التعويض عن ضرر أصاب غيره مهما كانت صلته به، و إستثناءا قد تقع الجريمة على شخص غيرأن
ضررها يتعدى لشخص أخر فيكون لهذا الأخير الحق في التعويض،و مثال ذلك أن تقع الجريمة على الزوجة
فتسبب ضرر ماديا أو معنويا للزوج، و الضرر المادي هو الذي يصيب الشخص في ذمته المالية، أما الضرر
المعنوي فهو الضرر الذي يصيب الشخص في عواطفه و كرامته و سمعته، و يجوز أن يكون الضرر ماديا و
معناويا في نفس الوقت.3)
*الفرع الثالث:العلاقة السببية
أي أن يكون الضرر ناشئا مباشرة عن الجريمة،أي أن الجريمة هي السبب المباشر و الوحيد في حدوث
الضرر(4)ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ(1) نظير فرج مينا،الوجيز في ال‘جراءات الجزائية الجزائري،الطبعة الثانية،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائرنص 39
(2) خوري عمر، المرجع السابق،ص 31
(3) نظير فرج مينا، المرجع نفسه،ص 40
(4) خوري عمر،المرجع نفسه،ص 34
بغض النظر عن الظروف الأخرى و لو كانت متصلة بالجريمة. ومثال ذلك:أن محكمة النقض
المصرية في قضية بيع الاسبرين المقلد حكمت بعدم جواز التعويض لشركة بابر لأن الضرر الذي حصل لها
غير ناتج عن جريمة النصب، بل من المنافسة الناجمة عن بيع الأسبرين المقلد،و أن الحكم بالتعويض يكون لمن
وقع من الأفراد تحت عملية النصب.(1)
*المطلب الثاني:موضوع الدعوى المدنية التبعية
إن موضوع الدعوى المدنية التبعية في نطاق قانون الإجراءات الجزائية حسب المادة 2 من ق إ ج ج المذكورة
سابقا،هو التعويض و يهدف التعويض المدني إلى جبر الضرر مهما كان (ماديا،جسمانيا، معناويا) و هذا ما
نصت عليه م3/4 إ ج" تقبل دعوى المسؤولية المدنية على كافة أوجه الضرر سواءا كانت مادية أوجثمانية ،
، أو أدبية مادامت ناجمة عن الوقائع موضوع الدعوى الجزائية"، و التعويض المدني له مدلولان :مدلول خاص يقصد به التعويض
النقدي، و أخر عام يقصد به كل وسيلة من شأنها جبر الضرر بغير طريق التعويض النقدي، كالتعويض العيني و
هذا حسب م132/2 من ق م ج"يقدر التعويض بالنقد على أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف ،و بناءا على طلب
المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ماكانت عليه، أو أن يحكم و ذلك على سبيل التعويض بأداء بعض الإعانات
تتصل بعمل غير مشروع" و عليه يمكن ان تنحصر أنواع التعويض في:
*الفرع الأول:التعويض النقدي
إن تعويض المضرور عن الجريمة عادة يكون بجبر الضرر الذي لحقه بواسطة إصلاح ما أحدثته الجريمة من
ضرر بدفع مبلغ مالي أو نقدي ،و يجوز ان يكون مبلغ مقسطا أو إيراد مرتبا و الاصل فيه أن يكون مساويا
للضرر حسب م132 ق م ج(2)كما أن المضرور يجوز له أن يطلب المبلغ الذي يشاء لأن القانون لم يحدد لا حد
أدنى و لا حد أقضى لهذا التعويض، غير أن القاضي يتمتع بسلطة تقدرية في هذا المجال، حيث أن المضرور
عادتا ما يطلب مبلغا مبالغا فيه، وفي هذه الحالة يقوم القاضي بتعين خبير لتحديد مبلغ التعويض الذي يتناسب مع
جسامة الضرر، كما أن القاضي لا يجوز له أن يحكم بمبلغ أكبر من الذي طلبه المضرور و إلا كان حكمه
باطلا.(3) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نظير فرج مينا، المرجع السابق،ص ص 40-41
(2)أوهايبية عبد الله، المرجع السابق،ص ص 147-149
(3) خوري عمر، المرجع السلبق،ص 32
*الفرع الثاني:التعويض العيني
يقصد بالتعويض العيني أو الرد إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إرتكاب الجريمة، و لا يمكن القضاء بالرد إلا
إذا كان موضوع الرد موجودا و يمكن رده" أي قائم بذاته فلا يجوز رد البديل"(1) ومن الأمثلة على التعويض
العيني:إعادة الأشياء المسروقة في جريمة السرقة، و إتلاف سند المزور و إبطال العقود المزورة في جريمة
التزوير، وعليه فإن الرد ليس تعويضا بالمعنى الإصطلاحي الضيق ، لأن التعويض بهذا المفهوم يقصد به البدل،
فلا نقول عوض المتضرر إذا كان قد رد إليه عين ماله، بل نقول رد له ماله، إلا أنه يوصف بالتعويض العيني
لأن تجريده من هذه الصفة لا يؤدي إلى قبول الدعوى من طرف القضاء الجنائي، و بتالي هو صورة من
التعويض بمعناه الواسع(2)
*الفرع الثالث: التعويض المعنوي
قد يطلب المضرور من المحكمة أن تحكم له بنشر الحكم في الجرائد و الصحف اليومية ، حيث يعتبر النشر
بالنسبة إليه تعويضا و هذا النوع من التعويض عادة ما يكون في الجرائم التي تمس الشرف و الكرامة، و ذلك
من أجل إعادة الإعتبار(3)
*الفرع الرابع: المصاريف القضائية
هي الرسوم القضائية و يقتصر مفهومها على الرسوم الرسمية فقط دون أن يدخل ضمنها أتعاب المحامي،و هذه
الرسوم القضائية يدفعها المدعي المدني مقدما لإقامة دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي و هذا حسب م 75 ق إ
ج"يتعين على المدعي المدني الذي يحرك الدعوى العمومية، إذ لم يكن قد حصل على المساعدة القضائية أن
يودع لدى قلم الكتاب المبلغ المقدر لزومه لمصاريف الدعوى و إلا كانت شكواه غير مقبولة ، و يقدر هذا المبلغ
بأمر من قاضي التحقيق"(4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خوري عمر، المرجع السابق،ص 32
(2)أوهايبية عبد الله، المرجع السابق نص 150
(3) خوري عمر، المرجع نفسه،ص 32
(4)أوهايبية عبد الله، المرجع نفسه،ص151
والقاعدة العامة أن يحكم بالمصاريف القضائية على المتهم المحكوم عليه أو المسؤول المدني إذا ثبتت في حقه
التهمة ،بغض النظر عن إعفائه من المسؤولية الجزائية،للأسباب الشخصية،مثل الجنون أو حصوله على مانع
من موانع العقاب للأسباب موضوعية كالدفاع الشرعي أو ما أذن به القانون....في حالة ما إذا ثبت أن الخطأ وقع
من جانبه، فاللمحكمة أن تجعل على عاتقه المصاريف كلها أو جزء منها حسب م 310/4 إج"في حالة الإدانة أو
الإعفاء من العقاب يلزم الحكم المتهم بالمصاريف لصالح الدولة...." و كذلك م 367/1 و م 368 إ ج ج" لا
يجوز إلزام المتهم مصروفات الدعوى في حالة الحكم ببرائته،غير أنه إذا قضي ببرائة المتهم بسبب حالة جنون
إعترته حالة وقوع الحادث فيجوز للمحكمة أن تجعل على عاتقه المصاريف كلها أو جزءا منها". و عليه فإن
المتهم المحكوم ببرائته لعدم ثبوت التهمة في حقه ، أو لعدم نسبتها له أو لعدم تكيفها بأنها جريمة طبقا لقانون
العقوبات و القوانين المكملة له لا يجوز الحكم عليه بمصاريف الدعوى و ذلك طبقا للمادة السابقة 368 و م
364 إ ج ج " أذا رأت المحكمة أن الواقعة موضوع المتابعة لا تكون أي جريمة في قانون العقوبات أو أنها غير
ثابتة أو مسندة للمتهم قضت ببرائته من المتابعة،بغير عقوبة و لا مصاريف"
كما أن القاعدة العامة تقضي كذلك بأن المدعي المدني إذا خسر دعواه أو لم يقضى له بما طلب فإن المصاريف
القضائية تكون على عاتقه حسب م 369/1 ق إج"يلزم المدعي المدني الذي خسر دعواه المصاريف حتى في
الحالة المشا ر إليها في المادة 264" و الحالة المشار إليها في المادة 264 هي: حالة ترك المدعي المدني لدعواه
المدنية أمام القضاء الجنائي،رغم تكليفه بالحضور تكليفا قانونيا، و ذلك بعدم حضوره شخصيا أو عدم حضور
ممثله.إلا أن المحكمة تضل صاحبة الإختصاص في تقرير تحمل المصاريف من عدمه فالمحكمة لها أن تعفي
المدعي المدني من جزء من المصاريف أو كل المصاريف حسب م369/2 من ق إ ج"غير أن للمحكمة ان
تعفيه منها كلها أو جزء منها" و كذلك بالنسبة للمتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية حسب م 367 من إج. و
الملاحظة انه في جميع هذه الحالات، لا يجوز أن يحمل المدعي المدني الذي قبل القضاء الجنائي دعواه
المصروفات القضائية، إذا كان المتهم المدعى عليه مدنيا قد أدين في الجريمة التي احدثت ضرر حسب المادة
367 إ ج و إلا عرض قضاة الإسئناف قرارهم للنقض.(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله، المرجع السابق،ص ص 151-154
*المطلب الثالث:الخصوم في الدعوى المدنية التبعية
إن الدعوى المدنية كالدعوى العمومية لها طرفان:المدعي المدني و المدعى عليه،أما الأول فهو كل شخص
طبيعي أو معنوي لحقه ضرر شخصي من الجريمة،أما الثاني هو عادة المتهم الذي ألحق ضرر بالمضرور.
*الفرع الأول:المدعي المدني
هو الشخص الذي أصابه من الجريمة ضرر،و هو الذي له الحق في رفع الدعوى المدنية للمطالبة بجبر الضرر
و يشترط فيه حتى يتمكن من رفع هذه الدعوى الأخيرة شرطان هما:
أولا:أن يكون ذا صفة:إن الإدعاء المدني لا يتم في الأصل إلا من طرف الشخص الذي أصابه ضرر شخصي
من الجريمة، و غالبا ما يكون المضرور من الجريمة هو المجني عليه، إلا أنه في أحيان أخرى قد يصيب
الضرر شخصا اخر غير المجني عليه"هذا ما جعل المشرع الجزائري يطلق لفظ المضرور كلفظ عام ،بدلا من
لفظ المجني عليه"(1).فمثلا يحق لأبناء المجني عليه في جريمة قتل رفع الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض عن
الضرر الشخصي الذي أصابهم نتيجة قتل أبيهم، و عليه فحتي يتمكن المضرور من رفع الدعوى المدنية يجب
عليه ان يكون ذا صفة في رفعها و هذه الصفة تتمثل في إصابته بضرر شخصي من الجريمة.
1*حكم تحويل الحق المدني :أي هل يمكن للغير المطالبة بحق التعويض مادام هذا الاخير يشكل جزءا من الذمة
المالية للمضرور؟
-يحق للمضرور من الجريمة تحويل الحق في المطالبة بالتعويض لغيره، ويجوز لورثته و دائنيه تمثيله في
المطالبة به، إلا أن لتقرير هذا الحق للغير لا بد من التفرقة بين حالتين:
*الحالة الاولى: إذا سبق و أن رفع المضرور دعواه المدنية أمام القضاء الجزائي،فإنه يحق للورثة و للدائنين و
للمحيل له الحق مباشرة المطالبة بهذا الحق،سواءا كان الضررالمراد جبره ماديا أو معنويا:
*الحالة الثانية:إذا لم يكن المضرور قد رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي، فإنه لا يجوز للغير الذي إنتقل
إليه هذا الحق رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي،(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله،المرجع السابق، ص146
(2) بارش سليمان ،شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، الجزء الأول،دون طبعة،دار الهدى للنشر و التوزيع،الجزائر ص ص 100-101
لأن رفعها في هذه الحالة يعتبر إدعاءا مباشر، و هذا الأخير لا يتم إلا من طرف الشخص الذي أصابه ضرر
شخصي حسب م2 من إ ج ج، و تكون وسيلة الغير في هذه الحالة ، هي رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني
ثانيا:أن يكون ذا أهلية للتقاضي:إن المضرور من الجريمة،أو الغير الذي إنتقل إليه الحق في المطالبة بالتعويض
عن الضرر، لا تقبل دعواه المدنية ما لم تتوافر فيه أهلية التقاضي طبقا لاحكام القانون المدني(1)،و هي بلوغ سن
الرشد القانوني طبقا لنص المادة 40 م ج ألا وهي 19 سنة، فالقاصر الذي لم يبلغ هذا السن او المصاب بعارض
من عوارض لأهلية(جنون...)لا يمكن ان يؤسس نفسه طرفا مدنيا أمام القضاء الجنائي لمباشرة حقوقه
المدنية،دون إدخال من له الولاية عليه في الدعوى.(2)
*الفرع الثاني:المدعى عليه مدنيا:
هو الطرف الثاني في الدعوى المدنية التبعية الذي يطالبه المدعي مدنيا بالتعويض، و الأصل فيه هو المتهم الذي
إرتكب الجريمة المحدثة للضرر سواء بمفرده، أو مع غيره، بإعتباره اصيلا أو مساهما ، إلا أن الدعوى المدنية
التبعية ترفع ايضا على المسؤولين عن الحقوق المدنية و الورثة بخلاف الدعوى العمومية التي لا يجوز رفعها
او تحريكها على غير المتهم،
أولا :المتهم: الأصل أن ترفع الدعوى المدنية على المتهم لإرتكابه الجريمة، سواء كان فاعلا لوحده أو مع غيره،
و هذا تطبيقا لمبدأي:تفريد العقاب وشخصية العقوبة المرسخة دستوريا في المادة 142 من د"تخضع العقوبات
الجزائية إلى مبدأي الشرعية و الشخصية" و إذا تعدد المتهموم فهم متضامنون في دفع مبلغ التعويض.
ثانيا: المسؤول عن الحقوق المدنية:إذا توافر مانع من موانع المسؤولية الجنائية فلا مسؤولية جنائية و لا
عقاب،أما بالنسبة للدعوى المدنية التبعية فيجوز للمضرور مطالبة المسؤول عن الحقوق المدنية بدفع التعويض.و
المسؤول عن الحقوق المدنية:هو الشخص المكلف بحكم الإتفاق أو بحكم القانون بالإشراف و الرقابة على المتهم
بسبب صغر السن، أو الجنون ،كالوصي أو الولي(5)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بارش سليمان ،المجع السابق،ص 101
(2) أوهايبية عبد الله، المرجع السابق، ص 156-157
(3) خوري عمر ، المرجع السابق، ص 32
فعندما يكون المسؤول عن الحقوق المدنية مكلفا بالرقابة مثلا:فتقع جرائم من الأشخاص الذين هم تحت رقابته و
موضوعون تحت رقابته، فيلزم بالتعويض عن الأضرار التي ألحقوها بالغير على أساس لو أنه:أحسن الإشراف
و الرقابة على هؤلاء الاشخاص الموضوعين تحت رقابته لما إرتكبو الجريمة، و تقتضي القواعد العامة في
القانون أن يسمح للمسؤول عن الحقوق المدنية التدخل في الدعوى الجنائية من تلقاء نفسه في اي مرحلة كانت
عليها الدعوى امام القضاء الموضوعي للدفاع عن مصالحه،لأنه إذ لم يسمح له بذلك و صدر حكم على ثبوت
الخطأ في حقه، فلا يقبل إثبات العكس فيما بعد، فيقتصر دفاعه على محاولة نفي العلاقة بينه و بين المحكوم عليه
جنائيا، أو محاولة إثبات أنه لم يقصر في المراقبة و التوجيه.(1)
ثالثا: ورثة المتهم و ورثة المسؤولين عن الحقوق مدنيا:إذا كانت المسؤولية الجزائية تسقط بالوفاة تطبيقا
لمبدأي تفريد العقاب وشخصية العقوبات التي رسختها م142 من الدستور، فإن المسؤولية المدنية تظل قائمة
في حالة وفاة المتهم،أو المسؤول مدنيا،فترفع الدعوى على ورثته، و إذا كان هؤلاء خاضعين لقاعدة الا تركة
إلا بعد سداد الديون طبقت عليهم و أعتبرت الطلبات المدنية المحكوم بها ديون على التركة، و إذا لم توجد
تركة سقط حق المدعي المدني في التعويض، و لا يعتبر الورثة متضامنين في التعويضن بل إن إلتزام كل منهم
يكون في حدود نصيبه في الإرث،إذ أن التضامن من يفترض الأشتراك في الخطأ و هو أمر غير متوافر هنا. (2)
*المبحث الثالث:مباشرة الدعوى المدنية التبعية و إنقضائها
سنتناول في هذا البحث كيفية مباشرة الدعوى المدنية التبعية سواءا بالإلتجاء إلى القضاء المدني كأصل ، أو
الإلتجاء غلى القضاء الجنائي كإستثناء ،و هذا في المطلب الاول، أما في المطاب الثاني فسنتناول كيفية انقضاء
الدعوى المدنية التبعية.
*المطلب الاول:مباشرة الدعوى المدنية التبعية
الأصل ان الدعوى المدنية لا ترفع إلا أمام القضاء المدني، إلا أن غالبية التشريعات تخول للمدعي المدني الحق
في رفع الدعوى المدنية امام القضاء الجزائي إذا كان سببها التعويض عن الضرر الناشئ عن الجريمة(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله، المرجع السابق،ص ص 157-159
(2) نظير فرج مينا، المرجع السابق،ص ص 44-
(3)بارش سليمان، المرجع السابق،ص ص 102-103
" و قاعدة إختيار أحد الطريقين يرجع أساسا للقانون الروماني، وكان أساسها في ق 18 م قواعد العدل و
الإنسانية و المنطق، اما في ق 19 م فأعتبرت تطبيقا لحجية الشيئ المحكوم فيه"(3)
، و إذا نظرنا إلى ق إ الجزائية الجزائري نلاحظ أن المشرع أجاز رفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء
الجنائي مع الدعوى العمومية حسب م 3 إج، كما أعطى المشرع لطرف المضرور الحق في رفع الدعوى المدنية
أمام القضاء المدني حسب م 4 إ ج(2)
*الفرع الأول: الإلتجاء إلى القضاء الجنائي
*أولا: مبررات الإلتجاء إلى القضاء الجنائي:إن إعطاء المضرور الحق في رفع الدعوى المدنية أمام القضاء
الجزائي له عدة مبررات هي:
1-توفير الوقت و الجهد و النفقات للخصوم في الدعوى
2-إن القاضي الجنائي هوأقدر على الفصل في الدعوى المدنية من القاضي المدني لأنه يكون أكثر إحاطة
بظروف الضرر لما يتمتع به من سلطات ووسائل إثبات تساعد على كشف الحقيقة، أثناء تحقيقه الجنائي و بتالي
يكون أكثر من غيره قدرة على تقدير التعويض الملائم للمضرور
3-إن طبيعة الدعوى المدنية التبعية بإستهدافها الحصول على التعويض الناشئ عن الجريمة من جهة و إسهامها
في طلب توقيع العقاب على الجاني من جهة أخرى أن المضرور هو اكثر الناس صلة بالجريمة و تأثرا بنتائجها
و علما بظروفا
4-أن لجوء المضرور للقضاء الجزائي يترتب عليه تحريك الدعوى العمومية إن لم تكن النيابة العامة قد حركتها،
وهي إعتبارات تضفي على الحكم الجنائي حجية أمام القضاء المدني، فتلزمه بالأخذ بالنتيجة التي إنتهى إليها في
الدعوى العمومية، وهي القاعدة التي ترتب بالضرورة الجنائي يوقف المدني(3)
ثانيا:شروط رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي: يمكن تلخيصها في الشروط التالية:
*أن تكون الدعوى المدنية مرتبطة بدعوى عمومية قائمة فعلا و جائزة القبول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)نظير فرج مينا، المرجع السابق،ص 45
(2)بارش سليمان، المرجع السابق، ص103
(3)أوهايبية عبد الله، المرجع السابق، ص ص160-161
-لا يجوز أن ترفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي ما لم تكن هناك جريمة(جناية،جنحة ،مخالفة) نشأت عن
إرتكابها دعوى عمومية
-إن الدعوى العمومية يجب أن تكون قد حركت و مقبولة امام الجهة الجزائية، فالدعوى العمومية لا تعتبر قائمة
إذا كانت قد إنقضت بأحد أسباب الإنقضاء العامة(التقادم، وفاة المتهم،العفو الشامل، بحكم نهائي،أو بإلغاء القانون
الجزائي)، وتعتبر الدعوى العمومية غير مقبولة إذا صدر فيها قرار بات بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى عقب
التحقيق الذي أجري فيها،أو كانت قد حفظت لعدم الصحة مثلا، وتكون أيضا غير مقبولة إذا كان القانون قد علق
تحريكها على وجود شكوى أو طلب أو إذن،و لم تقدم شكوى، و لم يقدم الطلب أو الإذن،فإذا كان المدعي المدني
المجني عليه المنوط به تقديم الشكوى،فعندئذ يعتبر إدعائه المدني بمثابة شكوى ضمنية
.
- يجب أن لا تكون الدعوى العمومية مازالت محل لتحقيق،إذ لا يجوز إنتزاع الدعوى من أيدي سلطات التحقيق
و إحالتها للمحكمة بناءا على إدعاء مباشرأو إدعاء مدني للمطالبة بالتعويض.(1)
*أن تكون الدعوى المدنية نفسها جائزة القبول:أي
- أن تكون الدعوى المدنية مرفوعة من ذي صفة، أي تقبل من المجني عليه ذاته، أو من أي شخص اخر لحقه
ضرر مباشر بسبب وقوع الجريمة كما سبق و أن أشرنا
.
- أن يكون موضوعها المطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة حسب م 2/1 إ ج السابق ذكرها، ومثال
ذلك: أن تقبل الدعوى المدنية عن تعويض سلب الحيازة لعقار بالقوة، ولكنها لا تقبل إذا كان موضوعها
طلب إثبات ملكية عقار المجني عليه لأن إثبات الملكية من عدمه لم ينشأ عن جريمة و إنما تعلقت الجريمة
بالحيازة دون الملكية.
- أن ترفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية المختصة نوعيا و مكانيا بالجريمة موضوع الضررالمطالب
بتعويضه، فلا تقبل المطالبة بالتعويض في جناية إذا رفعت أمام محكمة الجنح،أي أن الدعوى المدنية لا تكون
جائزة القبول إلا أمام المحكمة الجنائية ذات الولاية اصلا في نظر الدعوى العمومية التي يرتبط بها الإدعاء
المدني"(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)إسحاق إبراهيم منصور، المبادئ الأساسية في قانون الإجراءات الجزائري،بدمن طبعة،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،1995،ص ص 38-39
(2) أوهايبية عبد الله، المرجع السابق،ص 162
.و بالنسبة كذلك للأحداث فأن الدعوى المدنية المرفوعة ضدهم أمام القضاء الجنائي ترفع أمام المحكمة
المختصة بهم ، و هي:قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بالأحداث و ذلك طبقا لأحكام م 477 إج ج و
ما يليها"(1) ـ
- يجب أن يودع المدعي المدني مصاريف تلك الدعوى، إن لم يكن قد حصل على مساعدة قضائية و هذا حسب
نص م 75 من ق إ ج المذكورة سابقا(2)
*غير أن هناك بعض الإستثناءات تتمثل فيما يلي:هناك حالات تفصل المحكمة الجنائية في الدعوى المدنية دون
وجود الدعوى العمومية و هذه الحالات تتمثل في:
- إذا إنقضت الدعوى العمومية بعد رفع الدعوى المدنية لأي سبب من أسباب هذا الإنقضاء لا يؤثر على الدعوى
المدنية، ووجب على المحكمة الإستمرار في النظر في هذه الأخيرة حتى الفصل فيها.
- إذاأصدرت المحكمة الجنائية في كل من الدعوى العمومية و الدعوى المدنية التبعية حكما، فهاذا الحكم يكون
قابلا للإستئناف من طرف النيابة العامة و المتهم بالنسبة للدعوى العمومية،و المدعي المدني و المتهم و المسؤول
عن الحقوق المدنية بالنسبة للدعوى المدنية التبعية.فإذا لم تطعن النيابة العامة أو المتهم في الحكم الصادر في
الدعوى العمومية جاز للمدعي المدني و المتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية الطعن في الحكم الصادر عن
الدعوى المدنية أمام الغرفة الجزائية لدى المجلس القضائي، ويتعين على هذا الاخير الفصل في هذا الإستئناف
دون وجود دعوى عمومية.م 417 ق إ ج.
-طبقا ل م 316/1 من ق إ ج يجوز للمتهم الذي صدر في حقه حكم بالبرائة أن يطالب المدعي المدني أمام نفس
المحكمة التي أصدرت الحكم و في نفس الجلسة، بالتعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء رفع الدعوى
المدنية إذا كان هناك وجه للتعويض(3)
ثالثا:إجراءات رفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي:
يمكن رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي عن طريق التدخل في الدعوى العمومية بأساليب حددها قانون
الإجراءات الجزائية و هي لا تتعدى ثلاث أساليب:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أوهايبية عبد الله، المرجع السابق،ص 162
(2)إسحاق إبراهيم، المرجع السابق،ص ص 39-40
(3)خوري عمر، المرجع السابق،ص ص 35-36
1*الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق: من المواد 72-78 من ق إ ج ج
تنص م 72 إ ج المعدلة بموجب ق 06-22 على ما يلي:" يجوز لكل شخص متضرر من جناية أو جنحة أن
يدعي مدنيا بأن يتقدم بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص" فكل من لحقه ضرر من جناية أو جنحة أن يدعي
مدنيا عن طريق تقديم شكوى إلى قاضي التحقيق في أي وقت أثناء سير التحقيق حسب م 74 إج المعدلة ب ق
06-22 المؤرخ في 20-12-2006"يجوز الإدعاء مدنيا في أي وقت أثناء سير التحقيق و يحيط قاضي التحقيق
باقي أطراف الدعوى علما بذلك..." ففي هذه الحالة تكون الدعوى العمومية قد حركت من النيابة العامة بناءا
على طلب إفتتاحي.و لقبول الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق لابد من توافر الشروط التالية:
- وقوع جريمة سواءا كانت جناية أو جنحة
- ان يترتب على الجريمة ضرر شخصي و محقق و مباشر.
- أن يدفع المدعي لدى كاتبة ضبط المحكمة مبلغا من المال يحدده قاضي التحقيق لضمان سداد المصاريف
القضائية م 75 إ ج المذكورة سابقا.
- أن يختار المدعي المدني موطنا في دائرة إختصاص المحكمة التابع لها قاضي التحقيق حسب م 76 من إ جِِِ
(فإذا لم يكن له موطن فيها يختار له موطن بموجب تصريح لدى قاضي التحقيق، و يترتب على عدم إختياره
موطنا، عدم قبول معارضته في عدم تبليغه بالإجراءات الواجب تبليغها إليه طبقا لما هو مقرر قانونا)(1)
- أن يكون قاضي التحقيق مختصا إقليميا طبقا لأحكام م 40 من إ ج "يتحدد إختصاص قاضي التحقيق محليا
بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في إقترافها، أو بمحل القبض على
أحد هؤلاء الاشخاص حتى و إن كان هذا القبض بسبب أخر" أما إذا كان غير مختص فإنه يستمع لطلبات
النيابة ثم يطلب بإحالة المدعي المدني إلى الجهة القضائية المختصة حسب م 77 إ ج(2)
-إذا إستوفى الإدعاء المدني شروطه أمام قاضي التحقيق يعرض الإدعاء المدني على وكيل الجمهورية في أجل
5 أيام ليبدي طلباته خلال مدة مماثلة من يوم تبليغه بالإدعاء المدني حسب م 73 إج، ولا يجوز لوكيل الجمهورية
رغم أنه يمثل المجتمع في الإدعاء العام أن يطلب من قاضي التحقيق عدم إجراء تحقيق إلا في حالتين:(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أوهايبية عبد الله، المرجع السابق،ص ص 166-167
(2)خوري عمر ، الملاجع السابق،ص 37
(3) أوهايبية عبد الله، المرجع نفسه،ص 167
- أن الوقائع و الأسباب تمس الدعوى العمومية نفسها،لا يجوز التحقيق بشأنها، كما لو كانت الدعوى لا يجوز
تحريكها إلا بناءا على شكوى من المجني عليه مثلا، إلا إذا كان الشاكي أو المدعي المدني الشخص المجني عليه
الذي يقرر لصالحه القانون القيد، إي حقه في تقديم شكوى أو الإمتناع عن تقيدمها.
- أن الوقائع و رغم ثبوتها لا تقبل أي وصف جزائي أو جنائي.
- لا يتقيد قاضي التحقيق بطلبات النيابة العامة،و يكون ذلك بقرار مسبب حسب م 73/4 من ق إ ج، و يجوز
لوكيل الجمهورية أن يطعن في هذا القرار حسب م 170 إ ج.
- يجوز لكل من النيابة العامة و المتهم و أي مدعي أخر أن ينازع في طلب الإدعاء المدني، و لقاضي التحقيق
الفصل في ذلك من تلقاء نفسه بقرار مسبب حسب م 74 إ ج
2*الإدعاء من خلال إجراءات التكليف أو الإستدعاء المباشر:
يخول القانون للمضرور من الجريمة أن يلجأ مباشرة لجهة الحكم للقضاء له بتعويضه مدنيا عن الأضرار التي
لحقته،بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة في أحوال يحددها القانون صراحة دون تكليف من وكيل
الجمهورية،و هو إدعاء من شأنه أن يحرك الدعوى العمومية في مواجهة المدعى عليه مدنيا حسب م 337 إ ج(1)
و حتى يكون الإستدعاء المباشر مقبولا، لا بد من توافر الشروط التالية:
- أن تقع جريمة من الجرائم الخمس المذكورة في م 337 مكرر من ق إ ج و هي:
*ترك الأسرة، عدم تسليم الطفل ، إنتهاك حرمة منزل،القذف، إصدار شيك بدون رصيد*أما في الجرائم الأخرى
فلا بد من الحصول على الترخيص من و كيل الجمهورية.
- أن يدفع المدعي المدني مبلغا من المال لضمان سداد المصاريف و الرسوم القضائية.
- أن يختار المدعي المدني موطنا في دائرة إختصاص المحكمة التابع لها و كيل الجمهورية(2)، ونلاحظ أن
تخلف المدعي المدني عن الحضورأو عدم حضور من يمثله، يعتبر تاركا لدعواه أمام القضاء الجنائي حسب م
247 إج يلزم الجهة المرفوع أمامها الدعوى المدنية بعدم الفصل في الدعوى العمومية إلا إذا طلبت النيابة
العامة ذلك(3)،ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله، المرجع السابق، ص 168-172
(2)خوري عمر، المرجع السابق،ص ص37-38
(3)أوهايبية عبد الله، المرجع نفسه،ص 172
مع حفظ حق المتهم في أن يطلب الحكم له بالتعويض المدني لإساءة المدعي المدني إستعمال حقه
في تكليف المتهم بالحضور حسب م 366 إ ج (1)
3* التدخل:من م 239-247 إ ج
بعد رفع الدعوى العمومية أمام القضاء الجنائي أو إحالتها عليها من طرف قاضي التحقيق، أو غرفة الإتهام
يجوز لكل من أصابه ضرر من الجريمة أن يدعي مدنيا و لو أمام المحكمة المطروح أمامها الدعوى العمومية،و
في هذا الصدد علينا أن نميز بين حالتين:
*الإدعاء المدني قبل إنعقاد الجلسة: في هذه الحالة يقدم المدعي المدني طلباته في شكل مذكرة يتم إيداعها لدى
كاتبة ظبط المحكمة(2)، وقد أشارت م 241 إ ج "إذا حصل الإدعاء المدني قبل الجلسة فيتعين أن يحدد تقرير
المدعي المدني الجريمة موضوع المتابعة، و أن يتضمن تعين موطن مختار بدائرة الجهة القضائية المنظور
ة أمامها الدعوى، ما لم يكن المدعي المدني متوطنا بتلك الجهة"
*الإدعاء المدني اثناء الجلسة: وقد أشارت إليه م 242 من ق إ ج"إذا حصل التقرير المدني بالجلسة فيتعين
إبدائه قبل أن تبدي النيابة العامة طلباتها في الموضوع و إلا كان غير مقبول"(3) لأن من ذلك أن يعطل الفصل
في الدعوى العمومية(4)
رابعا:أثار مباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي:
- إذا لم تكن الدعوى العمومية قد تحركت، فإنه يترتب على الإدعاء المباشر إذا توافرت شروطه تحريك الدعوى
العمومية، وتفصل عندئذ المحكمة الجنائية في الدعويين معا دون قيد.
- بمجرد تحريك الدعوى العمومية بالإدعاء المباشر يزول دور المدعي المدني في الدعوى العمومية و ينحصر
دوره فقط في الدعوى المدنية، ويترتب على ذلك مايلي:
*يمكن للمدعي المدني التنازل عن الدعوى المدنية و لا أثر لهذا التنازل على الدعوى العمومية،ما لم تكن هذه
الاخيرة معلق تحريكها على شكوى من المضرور.(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله،المرجع السابق،ص173
(2)خوري عمر، المرجع السابق،ص38
(3)بارش سليمان، المرجع السابق،ص 108
(4) أوهايبية عبد الله، المرجع نفسه،ص169
(5)بارش سليمان،المرجع نفسه،ص109
- في حالة صدور حكم بالبرائة لا يحق للمدعي المدني إلا الطعن في الشق المدني.
- إذا إدعى الشخص مدنيا ، فلا يجوز سماعه بصفة شاهد م 243. إ ج(1)
*الفرع الثاني:مباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء المدني:
تنص م 4 من ق إ ج"يجوز كذلك مباشرة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى العمومية ،غير انه يتعين أن
ترجئ المحكمة المدنية الحكم في تلك الدعوى المرفوعة أمامها،لحين الفصل نهائيا في الدعوى العمومية، إذا
كانت قد حركت"
- إذا إختار المضرور القضاء المدني لرفع دعواه المدنية، فهذا لا ينفي علاقة التبعية بين الدعوى المدنية و
الدعوى العمومية المنظورة أمام المحكمة الجنائية، حيث أن الحكم في الدعوى العمومية يؤثر على الدعوى
المدنية المرفوعة أمام القضاء المدني، لأن تحريك الدعوى العمومية أو رفعها يؤدي إلى وقف النظر في الدعوى
المدنية من جهة، و أن للحكم الجنائي البات حجية على القاضي المدني
أولا:قاعدة الجنائي يوقف المدني: حسب م 4/2 من ق إ ج و التي تقضي بأنه إذا حركت الدعوى العمومية قبل
رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية أو أثناء النظر فيها و جب على القاضي المدني أن يوقف النظر في
الدعوى المدنية حتى يفصل القاضي الجنائي في الدعوى العمومية،بحكم حائز لقوة الشيئ المقضي فيه.
ولتطبيق هذه القاعدة لابد من توافر الشروط التالية:
*أن تكون الواقعة التي حركت من أجلها الدعوى العمومية هي نفسها الواقعة التي رفعت من أجلها الدعوى المدنية.
*أن تكون الدعوى العمومية قد حركت أو رفعت من طرف النيابة العامة قبل أو أثناء النظر و السير في
الدعوى المدنية أمام القاضي المدني،أما إذا كانت القضية مازالت في مرحلة البحث و التحري فإنه لاتستوجب و
قف النظر في الدعوى المدنية.
*عدم صدور حكم نهائي و بات في الدعوى المدنية التبعية.(2)
و تكمن مبررات إرجاء الفصل في الدعوى المدنية إلى غاية الفصل في الدعوى العمومية إلى ما يلي:
1/إن الإرجاء يقصد به عدم إستصدار حكمين،حكم جنائي،وا خرمدني متناقضين و سببهما واحد و هو
الجريمة،لأن هذا يؤدي إلى زعزعة الثقة في العدالة.(3)ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)بارش سليمان، المرجع السابق،ص 109
(2) خوري عمر، المرجع السابق،ص ص 38-39
(3)أوهايبية عبد الله، المرجع نفسه،ص 174
2/مبدأ حجية القضاء الجنائي أمام القضاء المدني، أي تقيد هذا الأخير بالحكم الجنائي فيلتزم به.
3/إن الإرجاءيسمح للقاضي المدني بالإستعانة و الإستنارة بنتائج التحقيق الجنائي بوجه عام في فصله في
الدعوى المعروضة عليه لأن الدعوى العمومية قبل الفصل فيها تسبق بمجموعة من الإجراءات،كالبحث و
التحري و التحقيق، وهذا ما لا يتوافر للقاضي المدني.
4/تفادي تأثير الحكم المدني في إقتناع القاضي الجنائي بصفة عامة.(1)
ثانيا :حجية الحكم الجنائي البات على القاضي المدني:
أي أن الحكم الجنائي البات الصادر بالبرائة أو الإدانة حجية على القاضي المدني في الدعوى المدنية،التي لم
يفصل فيها بعدن وحتى يكون لهذا الحكم حجية لابد من توافر الشروط التالية:
*أن يكون قضائيا، نهائيا و قطعيا.
*أن يكون هناك إتحاد في الواقعة بتن الدعويين المدنية و العمومية.
*أن لا يكون قد صدر حكم بات في الدعوى المدنية التبعية، و في هذا الإطارنميز بين الحالات التالية:
1/يكون للحكم الجنائي البات حجية على القاضي المدني بالنسبة للعناصر الجوهرية التي إشتملها هذا الحكم و
هي:*الوصف القانوني للجريمة:أي أن القاضي المدني يلزم بما ورد في الحكم الجنائي من وصف قانوني
للجريمة،فإذا وصفها بأنها خيانة أمانة مثلا، فلا يجوز لقاضي المدني إعطائها وصف السرقة مثلا.
*نسبة الجريمة إلى الجاني:إذا قضت المحكمة الجنائية في الجريمة بثبوت التهمة على المتهم بإرتكابه للجريمة
فلا يجوز للقاضي المدني نفي ذلك.
2/إذا قضى الحكم الجنائي البات ببرائة المتهم فهل يتقيد القاضي المدني بهذا الحكم؟
تختلف الإجابة على هذا السؤال بإختلاف أساس البراءة.
*إذا كان أساس البرائة هو عدم وقوع الجريمة أصلاأو عدم كفاية الأدلة فهنا يتقيد القاضي المدني بهذا الحكم أي
لايحكم بالتعويض.
*أما إذا كان أساس البرائة هو توافر مانع المسؤولية أو مانع العقاب ،فهنا لا يتقيد القاضى امدني بهذا الحكم
فيحكم بالتعويضات لصالح المضرور.(2) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوهايبية عبد الله، المرجغ السابق،ص 175
(2) خوري عمر، المرجع السابق، ص ص 39-40
3/إذا قضى الحكم الجنائي ابات بإدانة المتهمكفي هذه الحالة يتقيد القاضي المدني بهذا الحكم بمعنى أنه يحكم
بالتعويضات لصالح المضرور(1)
*الفرع الثالث:سقوط الحق في ال